ثنى الشيخ بذكر دليل من السنة، بقوله:(وَفِي الْحَدِيثِ: (الْدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ)(١)، والواقع أن هذا الحديث فيه ضعف، وأصح منه إسنادًا قول النبي ﷺ:(الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ)(٢)، ويغني عنه بحمد الله ....
قوله:(وَالْدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: ٦٠])، فسمى الله تعالى الدعاء عبادة، فلم يقل: إن الذين يستكبرون عن دعائي، فدل ذلك على أن الدعاء هو العبادة، بل إنه في الحقيقة لب العبادة، وذلك أن حال الدعاء يدل على افتقار العبد إلى خالقه، واطراحه بين يديه، وشعوره بكمال غنى الله تعالى، وافتقاره، واضطراره إليه؛ فلأجل ذا كان الدعاء هو العبادة، وكان صرف الدعاء لغير الله شركًا أعظم، فإذا رأيت من يدعو غير الله فاعلم أن قلبه معطوب، ما الذي حمل هذا الإنسان أن يدع الله الذي بيده الضر، والنفع، والمنع، والإعطاء، والعز، والذل، والغنى، والفقر، والصحة، والمرض، ويلتفت إلى غيره؟! لا شك أن هذا خلل عظيم وداء وبيل.
(١) أخرجه الترمذي رقم (٣٣٧١)، من حديث أنس بن مالك، مرفوعا، وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ. وضعفه الألباني ضعيف الجامع الصغير (٣٠٠٣). (٢) أخرجه أبو داود رقم (١٤٤٩)، والترمذي رقم (٢٩٦٩)، وابن ماجه رقم (٣٨٢٨)، وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وصححه ابن حبان في صحيحه رقم (٨٩٠) والحاكم في مستدركه رقم (١٨٠٨)، وقال الحافظ في فتح الباري: أخرجه أصحاب السنن بسند جيد (١/ ٤٩)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود - الأم- (٥/ ٢١٩) رقم (١٣٢٩)، والأرناؤوط في تحقيق سنن أبي داود رقم (٢/ ٦٠٣).