للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أرض ذات نخل وحِرار؛ يأملون أن يبعث النبي الخاتم منهم، وكانوا يستفتحون على العرب إذا وقع بينهم وبينهم خصومة، يقولون للأوس والخزرج لقد أظلنا زمان نبي نقاتلكم معه؛ فيفتح علينا، قال الله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٨٩]، كل هذه الدلائل تدل على أن أهل الكتاب يعلمون أن لهذه البقعة ولمكة شرَّفها الله منزلة خاصة.

بعثة النبي -

قوله: (وَلَهُ مِنَ الِعُمُرِ ثَلاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، مِنْهَا أَرْبَعُونَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَثَلاثٌ وَعِشْرُون نَبِيًّا رَسُولا): هذا سن نبينا ؛ ثلاث وستون سنة؛ أربعون سنة قبل البعثة؛ فإن الله لم ينزل عليه الوحي إلا بعد أن بلغ أشده؛ لأن الأربعين هي كمال الرجولة والقوة البدنية والعقلية؛ ولذا قال الله ﷿: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأحقاف: ١٥]؛ وقد كان نبينا طوال هذه الأربعين سنة على أنبل الصفات، وأكرم الطباع، وكان مضرب المثل في قومه في الأمانة والصدق، حتى إنهم كانوا يلقبونه بالأمين، ولما تنازعوا عندما أعادوا بناء البيت من يضع الحجر في موضعه فَقَالُوا: "اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ حَكَمًا، قَالُوا: أَوَّلَ رَجُلٍ يَطْلُعُ مِنَ الْفَجِّ، فَجَاءَ النَّبِيُّ فَقَالُوا: أَتَاكُمُ الْأَمِينُ، فَقَالُوا لَهُ، "فَوَضَعَهُ فِي ثَوْبٍ، ثُمَّ دَعَا بُطُونَهُمْ فَأَخَذُوا بِنَوَاحِيهِ مَعَهُ، فَوَضَعَهُ هُوَ " (١)؛ وكان الناس يضعون أماناتهم


(١) أخرجه أحمد بهذا اللفظ رقم (١٥٥٠٤)، من حديث مجاهد عن مولاه، وجزم محققو المسند أنه قيس بن السائب، وقيل السائب بن أبي السائب، وقال محققو مسند أحمد ط الرسالة (٢٤/ ٢٦٢)، إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير هلال بن خباب، فمن رجال أصحاب السنن، وهو ثقة.

<<  <   >  >>