حقيقة الرجاء: أنه ظن وانفعال يقوم في القلب يقتضي حصول مافيه مسرة، فالرجاء هو الأمل؛ أن يأمل الإنسان حصول شيء محبوب.
والرجاء عبادة، والدليل على كون الرجاء عبادة قول الله ﷿: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: ١١٠]، وقوله: ﴿فَلْيَعْمَلْ﴾: يدل على أن الرجاء الصادق ليس بالأماني لا بد من العمل.
والعمل الصالح ما جمع وصفين:
الوصف الأول: الإخلاص لله.
الوصف الثاني: المتابعة لرسول الله.
قوله: ﴿وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾: فدل على أن رجاء غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك.
والرجاء نوعان: رجاء عبادة ورجاء مباح:
فرجاء العبادة لا يجوز صرفه لغير الله، لأنه رجاء السر؛ وهو أن يتعلق القلب بالمرجو في حصول منفعة أو دفع مضرة:
فإن كان ذلك الأمر لا يقدر عليه إلا الله؛ فلا يجوز صرفه لغير الله.
أما إن كان ذلك الأمر مما يقدر عليه الغير فلا حرج فيه، ولا بأس بأن يطلب من الغير فإذا قلت لصاحبك: أرجوك أعطني الكتاب، هذا ليس رجاءً شركيًا.
وأهل التحقيق وأهل التوحيد البالغ يفحصون رجاءهم حتى إذا طلبوا من غير الله ﷿ أمرًا ليتحقق على أيديهم لم يفارقهم شعور بأن مسبب الأسباب هو الله ﷿، فإذا ذهب مثلًا إلى طبيب، لا يجد قلبه