للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بهم أن يعذبوا، فحينئذ يعذبون بقدر ذنوبهم، ثم يكون مآلهم إلى الجنة، على تفاوت فيما بينهم.

وبهذا أخبر النبي ؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : " أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا، فَإِنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ، وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمُ النَّارُ بِذُنُوبِهِمْ - أَوْ قَالَ بِخَطَايَاهُمْ - فَأَمَاتَهُمْ إِمَاتَةً حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحْمًا، أُذِنَ بِالشَّفَاعَةِ، فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ، فَبُثُّوا عَلَى أَنْهَارِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ قِيلَ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ، فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ تَكُونُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ) (١)، فيدخلون الجنة، فالجزاء بعد الحساب. والمجازاة إما في الجنة وإما في النار: ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾ [الشورى: ٧]. لتتم الحكمة البالغة من هذه الخليقة، فالله تعالى ما خلق الدنيا عبثًا، وإنما خلقها لحكمة بالغة؛ ليعلم من يعبده ومن يعصيه، من يكون أهلًا لدار كرامته، ومن يكون أهلًا لدار عذابه ونقمته.

[حكم من كذب بالبعث]

قوله-معقبًا على هذه القضية العظيمة-: (وَمَنْ كَذَّبَ بِالْبَعْثِ كَفَرَ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [التغابن: ٧]).

الشرح

أثبت الله تعالى البعث في هذه الآية إثباتًا لا مزيد عليه، حيث أمر نبيه أن يقسم بذاته -سبحانه- ﴿قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ﴾ [التغابن: ٧]. واللام لام القسم، والنون نون التوكيد الثقيلة. فالبعث حق، ومن كفر بالبعث؛ فقد كفر بالله العظيم.


(١) أخرجه مسلم رقم (١٨٥).

<<  <   >  >>