للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الْشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ». قَالَ: فَمَضَى، فَلَبِثْنَا مَلِياًّ. فَقَالَ: «يَا عُمَرُ أَتَدْرُونَ مَنِ الْسَّائِلُ؟» قَلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «هَذَا جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِينِكُمْ).

[المرتبة الثالثة: الإحسان]

المرتبة الثالثة هي الإحسان، وقد عرفها النبي : (أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ) (١)، فالإحسان مرتبة أخص من الإيمان، ومعنى الإحسان في اللغة: الإتقان، (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ) (٢)، وقد فسرَّه النبي بمرتبتين:

المرتبة الأولى: أن تعبد الله كأنك تراه.

المرتبة الثانية: فإن لم تكن تراه؛ فإنه يراك.

قال العلماء (٣): المرتبة الأولى: مرتبة الطلب، والمرتبة الثانية: مرتبة الهرب، ومرتبة الطلب أشرف من مرتبة الهرب.

فالأولى: أن تعبد الله تعالى وأنت تسعى إليه مشتاقاً إليه منجذباً إليه؛ فيكون أداؤك للطاعات والعبادات يحدوه حاد المحبة الرجاء.

فإن لم يصل الإنسان إلى هذه المرتبة العليا التي هي مرتبة العبادة: عبادة الفرِح المشتاق المنجذب إلى ربه ومعبوده؛ فإن دونها


(١) أخرجه البخاري رقم (٥٠)، ومسلم رقم (٨).
(٢) أخرج أبو يعلى الموصلي في المسند (٧/ ٣٤٩) رقم (٤٣٨٦) عَنْ عَائِشَةَ مرفوعاً، وحسنه بشواهده الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (٣/ ١٠٦)، رقم (١١١٣).
(٣) ينظر: شرح ثلاثة الأصول لشيخنا العلامة العثيمين (ص: ١١٩).

<<  <   >  >>