للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق: ٢، ٣]، ما أحوجنا إلى التوكل! ما أحوجنا إلى استحياء هذه المعاني في قلوبنا، لماذا نقلق؟ لماذا نأرق؟ لماذا يلحقنا الهم والغم؟ بسبب ذهاب النفس حسرات وراء الأسباب الدنيوية، لكن لو كان العبد مملوء القلب بهذه المعاني، لاستقر قلبه وسكن باله ولم ينشأ عنده ما يدعوه إلى القلق.

والتوكل عبادة؛ لا يجوز صرفه لغير الله؛ فلا يجوز للعبد أن يتوكل على غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، فلو قال عبد لشخص: توكلت عليك في شفائي أو توكلت عليك في رزقي؛ فقد وقع في الشرك الأعظم الذي لا يغفره الله ﷿.

وأما التوكيل فهو مباح؛ وهو ما يُعرف عند الفقهاء "بالوكالة الشرعية" بأن يذهب الإنسان إلى كتابة العدل ويقول: وكلت فلانًا ببيع بيتي، أو في شراء كذا أو كذا؛ فهذا لا حرج فيه، وقد وكَّل النبي عددًا من أصحابه في بعض الأمور، ولم يزل الناس هكذا:

الناس للناس من بدو وحاضرة … بعض لبعض، وإن لم يشعروا خدم

فالناس يقضي بعضهم مصالح بعض بالوكالة، فهذه الوكالة لا حرج فيها ونقول أيضًا: أنه ينبغي لمن وكل غيره بوكالة أن يستصحب في قلبه أن الله هو الذي يبلغه مقصوده، وأنه ليس الوكيل الفلاني هو الحاذق البارع الذي يمكن أن يتم عليه المطلوب، بل يرى أن هذا سبب نصبه الله تعالى يمكنه من بلوغ مراده.

قوله: (وَدَلِيلُ الرَّغْبَةِ، وَالرَّهْبَةِ، وَالْخُشُوعِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ [الأنبياء: ٩٠]).

<<  <   >  >>