للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بذلك أن يبلغه جنته، أو أن يصرف عنه عذابه، أو أن يصلح حاله ويدفع عنه السوء، فهذا وإن لم يدعُ بمسألة فهو في دعاء عبادة؛ لأنه يعلم أن الله تعالى نصب هذه العبادات سببًا موصلًا إلى الحياة الطيبة في الدنيا وإلى الفوز بالجنة في الآخرة، فسلك هذه الأسباب.

الصورة الثانية: أن يُثني على الله تعالى بما هو أهله من صفات الكمال ونعوت الجلال كما كان النبي يقوم في صلاة الليل فيقول: (اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ حَقٌّ وَقَوْلُكَ حَقٌّ وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ) (١)، يناجي ربه، ويثني عليه بما هو أهله: هذا دعاء عبادة، وقد قال ربنا : ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ﴾ [الأعراف: ١٨٠].

وينبغي للداعي أن يدعو الله تعالى بالاسم المناسب للطلب، فإذا كنت تريد من الله تعالى أن يعفو عنك، فلا يستقيم أن تقول: يا ذا البطش الشديد اعف عني! ولكن قل: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عني، وإذا أردت من الله الرزق، تقول: يا رزاق ارزقني … وهكذا فاختر الاسم المناسب للطلب المناسب.

وقد أنعم الله علينا بتسعة وتسعين اسمًا يمكن إدراكها واستخلاصها من نصوص الكتاب والسنة لكي ندعو الله تعالى بها، فالدعاء عبادة من أجل العبادات لمن تذوقه ووفق إليه حتى أن من يدعو الله ﷿ من العارفين بالله ﷿، يجد لذة ونعيمًا في مناجاة ربه في الأسحار وفي السجدات، ويتبين لنا سوء حال كثير من الناس الذين ابتلوا بدعاء


(١) أخرجه البخاري رقم (١١٢٠)، ومسلم رقم (٧٦٩) من حديث ابن عباس، ، مرفوعاً.

<<  <   >  >>