للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيما لا يقدر عليه إلا هو، فإن صرفه لله، فقد سلم من الشرك، وإن دعا غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، فقد وقع في الشرك الأعظم الذي لا يغفره الله، كأن يدعو ميتًا، أو يدعو غائبًا، أو يدعو حاضرًا فيما لا يقدر عليه، هذه ثلاثة أنواع:

النوع الأول: أن يدعو ميتًا، ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ﴾ [فاطر: ١٤].

النوع الثاني: أن يدعو غائبًا غير موجود، لا يسمع دعاءه؛ لأنه بمعنى الأول.

النوع الثالث: أن يدعو حاضرًا لكن ليس من شأنه ذلك، كأن يقول له: يا فلان ارزقني، يا فلان اشفني، فهو لا يملك ذلك، قال تعالى ﴿فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ﴾ [العنكبوت: ١٧]، وقال ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ﴾ [الأنعام: ١٧].

فهذه الصور الثلاث صور مخرجة من التوحيد مدخلة في الشرك، أما إن دعا غير الله فيما يقدر عليه ذلك الغير، فهذا ليس بشرك، فإذا دعا واحدًا من الناس في أمر من الأمور التي يقدر عليها فلا حرج، كما لو قال لرجل بين يديه طعام: يا فلان، أطعمني، لم يكن شركًا.

والدعاء نوعان: النوع الأول دعاء المسألة: وهو طلب حصول الحاجات، وتحقيق الرغبات، فهذا كثير في بني آدم أن يدعو الإنسان بالرزق، بالصحة، بالذرية، بالرفعة.

النوع الثاني: دعاء العبادة، وهو أن يتقرب لله ﷿ بما أوجب عليه من الطاعات، يرجو بذلك ثوابه ويخشى عقابه، أو أن يتملق إلهه و معبوده بحمده وبالثناء عليه. فهو صورتان:

الصورة الأولى: أن يمتثل أمر الله ويجتنب نهيه مستصحبًا أنه يرجو

<<  <   >  >>