للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحياة ووجدت معناها الحقيقي. ولهذا كان الصالحون من عباد الله يعتنون بقلوبهم قبل عنايتهم بأعمالهم، يصلحون قلوبهم: أولًا بالعلم النافع حتى تكون ناصعة نقية لا يكون لله تعالى شرك فيها، ثم يتبعونها بالعمل الصالح ثانيًا، وهذه العبادات العظيمة التي أجملها الشيخ ، سيذكرها واحدة واحدة.

قوله: (وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ الَّتِي أَمَرَ الْلَّهُ بِهَا، كُلُّهَا لِلَّهِ تَعَالَى؛ وَالْدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً) [الجن: ١٨]): ابتدأ المؤلف- بأجل هذه العبادات وأبينها في الدلالة على العبودية ألا وهو الدعاء.

قوله: (﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ﴾): المساجد تطلق على مواضع السجود؛ كبيوت الله، وعلى آلة السجود التي هي أعضاء السجود السبعة التي يسجد عليها المؤمن.

وعبر بالسجود عن بقية الصلاة؛ لأنه من أشرف أركانها، ولما كان شريفًا معبرًا عن كمال العبودية لله، كان هو الموضع المناسب لدعاء رب العالمين، فأقرب ما يكون العبد من الله وهو ساجد، حيث يضع الإنسان أشرف ما فيه على الأرض؛ خضعانا لله ﷿؛ ففي الحديث الصحيح أن النبي قال: (أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ ﷿ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ) (١)، قمن؛ يعني: حري أن يستجاب لكم، فلهذا قال: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجن: ١٨]، فيجب أن يصرف الدعاء لله وحده، فمن دعا غير الله فيما


(١) أخرجه مسلم رقم (٤٧٩)، من حديث ابن عباس ، مرفوعاً.

<<  <   >  >>