للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ) (١)، والمضغة؛ أي: بقدر ما يمضغ الماضغ؛ صغيرة بحجم قطعة اللحم. فالقلب هو بيت الرب في العبد، كما أن الكعبة هي بيت الرب في الأرض، فالقلب أشرف ما فيه، فينبغي أن يحتوي أشرف ما عنده، وأشرف ما يمكن أن يكون عند العبد: هو العلم بالله بمقتضى أسمائه وصفاته، وأن يتحرك هذا القلب لأداء وظيفته التي خلقها الله له، فللقلب وظيفتان:

وظيفة حسية مادية: وهي ضخ الدم إلى الأعضاء، كما أن وظيفة العين الإبصار، ووظيفة الأذن السمع، ووظيفة اليد التناول، ووظيفة القدم السعي.

وظيفة معنوية: هي العلم بالله، ومعرفته ومحبته وخشيته والتوكل عليه والرغبة إليه؛ فلهذا كان الموفق من عباد الله من يجعل قلبه مستودعًا لهذه المعاني الشريفة، فإذا كان لديك في منزلك جواهر ولآلئ ووثائق وأشياء كريمة، فإنك تضعها في أشرف وأوثق موضع في البيت، لا تضعها في الفناء أو بيت الخلاء.

فلا يليق بك أيها المؤمن أن تجعل قلبك مستودعًا للجهالات والشهوات والشبهات و الغفلات والحقد والغل. كم من القلوب ما يسرح فيه الشيطان جيئة وذهابًا، ويكون وقودًا للحقد والغل وسوء الظن؟!، أعمر قلبك بما خلقه الله من أجله، من العلم به ومحبته وخشيته، فتلك هي العبادة الحقيقية. فإذا أحسن قلبك أداء وظيفته، انقادت له الجوارح، وخفت إلى الطاعات، وهان عليها مفارقة الشهوات، وأحست بطعم


(١) أخرجه البخاري رقم (٥٢)، ومسلم رقم (١٥٩٩) من حديث النعمان بن بشير ، مرفوعاً.

<<  <   >  >>