للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحوالهم وتستقيم أمورهم وترد المظالم بسببها وتقام الحدود ببركتها ويندفع الشر.

فلا شك أن مَنْ نحى هذه الشريعة واستبدلها بقوانين وضعية أنه طاغوت من الطواغيت الخمسة الذين عدهم الشيخ .

الحكم بغير ما أنزل الله من حيث هو، كفر وظلم وفسق؛ لأن الله قد سماه كفرًا، وفسقًا، وظلمًا، وهذا لا يختلف عليه اثنان ممن يقرؤون القرآن، ولكن هل هذا الكفر كفر أكبر أم كفر أصغر؟ وهل ذلك الفسق فسق أكبر أم فسق أصغر؟ وهل ذلك الظلم ظلم أكبر أو ظلم أصغر؟ لأن الأكبر من هذه الثلاثة مخرج عن الملة، والأصغر لا يخرج عن الملة.

قد اختلف المفسرون في هذا الأمر، والصحيح في هذا هو التفصيل، فإنه يفرَّق بين أن يحكم حاكم بغير ما أنزل الله في قضية عين، تحمله عليها رغبةٌ أو رهبةٌ، وبين أن يقنن قانونًا ويُسن نظامًا ويحمل عليه الكافة، فالذي يحكم في قضية عين بغير ما أنزل الله رغبةً أو رهبةً؛ قد أتى كبيرةً لا تبلغ به مبلغ الكفر.

مثال ذلك:

احتكم رجلان إلى حاكم شرعي، فحكم للجاني على المجني عليه محاباةً له؛ لأنه من جماعته وأصحابه، فقد حكم بغير ما أنزل الله لكن في قضية معينة، فهذا لا يبلغ مبلغ الكفر، لكنه أتى كبيرةً، ولا ريب.

أو حكم للظالم على حساب المظلوم رهبةً من الظالم وخوفًا منه، فهذا قد حكم في قضية عين بغير ما أنزل الله، فإنه لا يكون كافراً كفرًا أكبر مخرجًا عن الملة.

كما قال ابن عباس في رده على الخوارج: (إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفرًا ينقل عنه الملة "ومن لم يحكم بما أنزل الله

<<  <   >  >>