للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخبر للواقع، ثم قال: ﴿حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا﴾ [الأنعام: ١٤٨] ولو كان لهم حجة في القدر ما أذاقهم الله بأسه، ثم قال ثالثًا: ﴿قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا﴾ [الأنعام: ١٤٨]، يعني هل اطلعتم على كتابكم وقدركم السابق، وبناءً على اطلاعكم علمتم بأن هذا مكتوب عليكم؛ فسلكتم هذا السبيل؟ لا والله ما اطلعوا على قدرهم مسبقًا، إذن حقيقة الأمر: ﴿إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾ [الأنعام: ١٤٨]، إذن لا حجة لكم في القدر.

إذن هذه هي مهمة الرسل: البشارة والنذارة وقطع الطريق على الاحتجاج على الله ﷿.

قوله: (وَأَّولُهُمْ نُوحٌ ، وَآخِرُهُمْ مُحَمَّدٌ وَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ: والدليل على أولية نوح قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [النساء: ١٦٣]): وقال نبينا في حديث الصور: (يَا نُوحُ، إِنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ) (١)؛ إذن فقد ثبت بهذين النصين أن نوحًا أول نبي وأول رسول، وقد ذكرنا لكم فيما مضى الفرق بين النبي والرسول، وخلاف العلماء في تحديد هذا الفارق، وبهذا يتبين خطأ من زعم أن أول الأنبياء هو إدريس ، وهذا يوجد كثيرًا، حتى إن الناس يتداولون بعض المصورات يسمونها شجرة الأنبياء ويكون مرسومًا فيها إدريس بين آدم وبين نوح ؛ فهذان النصان يثبتان أن أول الأنبياء وأول المرسلين: هو نوح ، وأن إدريس جاء فيما بعد.

والدليل على أن خاتمهم محمد لم يذكره الشيخ هاهنا، قال الله ﷿ ﴿وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: ٤٠]، فآخر الأنبياء


(١) أخرجه البخاري رقم (٤٧١٢) واللفظ له، ومسلم رقم (١٩٤) ..

<<  <   >  >>