للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ دَخَلُوهَا لَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا " (١) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مِثْلَ هَذَا غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ: " فَمَنْ دَخَلَهَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا، وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا يُسْحَبُ إِلَيْهَا " (٢) فنحن نعلم أنه لا يهلك على الله إلا هالك، وأن الله تعالى لا يظلم مثقال ذرة، هذا هو المحكم الذي نتمسك به ونعتصم به، ونعلم أن الله تعالى لا يوقع عذابًا بأحد حتى يقيم عليه الحجة الرسالية كما قال هاهنا: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء: ١٦٥]، وفي هذا دليل على بطلان الاحتجاج بالقدر بعض الناس يحتج بالقدر، إذا قيل له: يا فلان لمَ عصيت الله؟ قال: والله هذا شيء كتبه الله علي، يا فلان لِمَ لمْ تفعل شيء مما أمرك الله به؟ قال: ما كتبه الله، لو كتبه الله لفعلته؛ فبعض البطالين العطالين يحتج بالقدر على ترك الواجبات وفعل المحرمات، فهل يتم استدلاله بالقدر على مراده، ويُعذر بهذه الحجة؟ لا؛ لأن الله تعالى لم يثبت إلا حجة واحدة يمكن أن يحتج بها الآدميون: ﴿رُّسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء: ١٦٥]، لو كان في القدر حجة، لقبل الله حجتهم؛ لكن الله رد حجتهم، فأخبر الله تعالى عن هؤلاء المحتجين بالقدر أنهم يقولون: قال تعالى: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِم﴾ [الأنعام: ١٤٨] فسمى الله دعواهم كذبًا، والكذب هو مخالفة


(١) أخرجه أحمد رقم (١٦٣٠١)، وصححه ابن حبان رقم (٧٣٥٧)، وحسنه الضياء المقدسي في المختارة (٤/ ٢٥٥)، رقم (١٤٥٤)، وقال محققو صحيح ابن حبان طبعة الرسالة: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه، فقد روى له النسائي وغيره. (١٦/ ٣٥٧)
(٢) أخرجه أحمد رقم (١٦٣٠١)، وحسنه الضياء المقدسي في المختارة (٤/ ٢٥٥)، رقم (١٤٥٥)، وقال محققو المسند طبعة الرسالة: حديث حسن.

<<  <   >  >>