البشارة والنذارة: البشارة هي: الإعلام المقرون بخبر سار، والنذارة هي: الإعلام المقرون بخبر مخُوف. ولا شك أن أنبياء الله تعالى بعثوا مبشرين ومنذرين، مبشرين من أطاع الله تعالى بالجنة، منذرين من عصى الله تعالى بالنار،
قوله:(وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿رُّسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء: ١٦٥]): إذن الحجة الوحيدة التي يمكن أن يحتج بها الآدميون على ربهم ﷿ أن يقول قائلهم: ما جاءنا من بشير ولا نذير؛ فقطع الله تعالى هذه الحجة ببعثة الرسل، فلا يبقى للناس حجة إذا أرسل الله تعالى الرسل، فالحجة الرسالية لا بد من قيامها، قال ربنا ﷿: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥]، فإذا افترضنا أن قومًا أو فردًا لم تقم عليهم الحجة الرسالية، فما حالهم؟ نقول: المحكمات تدل على أن الله تعالى لا يعذب إلا من قامت عليه الحجة، قد يقول قائل: كم مناطق نائية على نهر الأمازون في أمريكا الجنوبية، وفي مجاهل استراليا، وفي غابات أفريقيا لم يسمعوا بمحمد ﷺ ولا بدين الإسلام، ثَمَّ أقوام ماتوا في الفترة لم يبلغهم رسالة نبي، ما حال المجهول؟ ما حال الطفل الذي مات في صغره؟ ما حال كذا وكذا؟؛ أجاب النبي ﷺ عن هذا الإيراد؛ فعَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ ﷺ قَالَ: " أَرْبَعَةٌ يَحْتَجُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا، وَرَجُلٌ أَحْمَقُ، وَرَجُلٌ هَرَمٌ، وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةٍ، فَأَمَّا الْأَصَمُّ فَيَقُولُ: رَبِّ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا، وَأَمَّا الْأَحْمَقُ فَيَقُولُ: رَبِّ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونِي بِالْبَعْرِ، وَأَمَّا الْهَرَمُ فَيَقُولُ: رَبِّ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئًا، وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ فَيَقُولُ: رَبِّ، مَا أَتَانِي لَكَ رَسُولٌ، فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ لَيُطِيعُنَّهُ، فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْ ادْخُلُوا النَّارَ، قَالَ: