للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل العقلي: فإن العقل أيضًا يدل على إثبات وإمكانية البعث؛ كما قال ﷿: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٤]، وقال في الآية الأخرى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: ٢٧]. فالذي ابتدأ الخلق قادر على إعادته، فممَّ تعجبون أيها المنكرون!.

ولما جاء أبي بن خلف وهو من زعماء المشركين إلى نبينا بعظم رميم وفتَّه أمامه وقال: يا محمد، أتزعم أن ربك يحيي هذا بعد أن صار رميمًا؟ قال: نعم، ويبعثك ويدخلك النار، قال الله تعالى: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ [يس: ٧٨، ٧٩] (١).

النظر الصحيح: إذ أن كل عاقل يأبى أن يقبل أن يُنشئ الله الخليقة، ويرزق الله الناس ويطعمهم ويسقيهم ويأمرهم وينهاهم ثم ينتهي الأمر بلا بعث.

قد أخبرنا سبحانه بأنه خلق السماوات والأرض بالحق، ألسنا نرى الظالم يموت ظالمًا؟ والمظلوم يموت مظلومًا؟ ألسنا نرى المحسن يموت محسنًا؟ والمسيء يموت مسيئًا؟ فأين الحق؟، ثَمَّ فصل آخر، ثَمَّ تتمة؛ حتى يرد الحق إلى نصابه، ويجازى الظالم بظلمه، والمظلوم عن مظلمته، والمحسن على إحسانه، والمسيء بإساءته، النظر يقتضي بأنه لا بد من يوم آخر تعاد الأمور فيه إلى نصابها.

الدليل الحسي: والمقصود به: الأدلة المشاهدة المدركة بالحواس: كالسمع والبصر، فقد قامت أدلة حسية على إثبات البعث، فقد ذكر الله تعالى في سورة البقرة خمس أدلة حسية على إثبات البعث:


(١) انظر: تفسير الطبري (٢٠/ ٥٥٤) ط الرسالة.

<<  <   >  >>