للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المفخمة التي مكنها الله تعالى من سدانة البيت، وقد كان البيت في يد قضاعة، فحاربهم قُصي بن كلاب، فظهر عليهم وتمكن من البيت وقسم الرفادة والسقاية ودار الندوة والحج واللواء بين أولاده؛ فكان من نصيب بني هاشم سقاية الحاج؛ فهذه القبيلة قبيلة عربية شريفة، وقد جاء الحديث عن وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» (١)؛ فهو خيار من خيار من خيار، بُعث في نسب من قومه، قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨]، وفي قراءة: ﴿مِنْ أَنْفَسَكُمْ﴾.

قوله: (وَالْعَرَبُ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الْصَّلَاةِ وَالْسَّلَامِ): وإسماعيل نبي من أنبياء الله، وهو ابن خليل الرحمن إبراهيم. وهذه من حكمة الله البالغة؛ فإن الله أمر إبراهيم أن يسكن بعض ذريته بواد غير ذي زرع؛ فاحتمل هاجر سُريته ومعها ابنها إسماعيل، ووضعهم في ذلك الوادي لأمر ادخره الله تعالى لهذه الأمة في آخر الزمان، وصار يتردد بين مكة والشام، وكان الأنبياء من فرع إسحاق؛ فظلت النبوة في بني إسرائيل قرونًا متطاولة، ولم يكن في العرب أنبياء بعد إسماعيل إلى أن بعث الله تعالى نبيه محمداً ؛ فآلت النبوة إلى فرع إسماعيل وختمت بنبينا .


(١) أخرجه مسلم رقم (٢٢٧٦).

<<  <   >  >>