قوله:(عَبْدُ اللهِ): أبوه توفي وهو حمل؛ فلم يدرك أباه؛ فولد يتيمًا ﷺ، وكذا أمه توفيت وهو صغير، ودفنت في الأبواء بين مكة والمدينة، فأبوي النبي ﷺ ماتا في الجاهلية، فعَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ:(فِي النَّارِ)، فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ، فَقَالَ:(إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ» (١)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ ﷺ قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ، فَقَالَ: اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ) (٢)، وهذا يدل على عظم أمر الدين والعقيدة قال الله ﷿: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١١٣) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: ١١٣، ١١٤]، فأعظم رابطة رابطة الإيمان، لا تقدم عليها رابطة نسب ولا عشيرة ولا أخوة ولا صداقة.
قوله:(عَبْدِ الْمُطَّلِبِ): أما عبد المطلب فجده، وهو أشرف العرب في زمانه، وهو الذي جدد حفر بئر زمزم؛ فكان وسيد قريش.
قوله:(وَهَاشِمٌ مِنْ قُرَيْشٍ): هاشم جده، وهو من قريش، ولا ريب أن نسب نبينا ﷺ محفوظ معروف منقول إلى عدنان، وأما ما بعد عدنان؛ فإنه لا يثبت، ويكفي للإنسان أن يعرف هذا القدر من نسب النبي ﷺ: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم.
قوله:(وَقُرَيْشٌ مِنَ الْعَرَبِ): قريش هي القبيلة العربية المقدمة
(١) أخرجه مسلم رقم (٢٠٣). (٢) أخرجه مسلم رقم (٩٧٦).