للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(لما سمع بذلك الأمير محمد بن سعود، قام من فوره مسرعاً إليه، ومعه أخواه: ثنيان، ومشاري، فأتاه في بيت أحمد بن سويلم، فسلم عليه، وأبدى له غاية الإكرام والتبجيل، وأخبره أنه يمنعه بما يمنع به نساءه وأولاده. فأخبره الشيخ بما كان عليه رسول الله ، وما دعا إليه، وما كان عليه صحابته، ، من بعده، وما أمروا به، وما نهوا عنه، وأن كل بدعة ضلالة، وما أعزهم الله به بالجهاد في سبيل الله، وأغناهم به، وجعلهم إخواناً، ثم أخبره بما عليه أهل نجد في زمنه من مخالفتهم لشرع الله وسنة رسوله؛ بالشرك بالله تعالى، والبدع، والاختلاف، والظلم فلما تحقق الأمير محمد بن سعود معرفة التوحيد، وعلم ما فيه من المصالح الدينية والدنيوية، قال له: يا شيخ! إن هذا دين الله ورسوله، الذي لا شك فيه، فأبشرْ بالنصرة لك، ولما أمرت به، والجهاد لمن خالف التوحيد … فبسط الأمير محمد يده، وبايع الشيخ على دين الله ورسوله، والجهاد في سبيله، وإقامة شرائع الإسلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر) (١).

لقد اكتملت بهذه الصفقة الإيمانية شرائط مشروع الإصلاح الكبير، واتحد السلطان والقرآن، وانبلج فجر جديد، من البعث والتجديد، لا في تاريخ نجد فحسب بل في تاريخ الأمة الإسلامية جمعاء. لقد تحولت الدرعية من بلدة نجدية مغمورة، إلى بؤرة نور، ترسل خيوط أشعتها الإيمانية محمولة في الصدور تارة، وعلى ظهور الخيول تارة، إذا أحوج الحال. وردد صدى الدعوة مجددون في مواقع شتى من أرض الإسلام شد أزرهم، وقوى عزائمهم، هذه التجربة الفريدة، التي استلهمت السيرة النبوية مثالاً، وعضدها سيف السلطان إيماناً وامتثالاً، فآتت أكلها كل حين بإذن ربها.


(١) تاريخ نجد (١/ ٨٠ - ٨١).

<<  <   >  >>