صدقة ففي الصدقات ليس إلا، وإن كان واليًا عامًا ففي بيت المال، ومن أطلق أحد اللفظين فمحمول على هذا التفصيل، فلا يُجعلان وجهين، هذا كله في الهدية.
أما الرشوة فالذي ينبغي أنه إن جهل صاحبها وضعت في بيت المال قطعًا، وإن عُرِفَ رُدَّت عليه قطعاً؛ لأنه لم يخرج عنها إلا لما قصده من الحكم الذي لم يحصل له، ولا يملكها المهدى إليه بلا خلاف.
وأما إذا قلنا: إن قبول الهدية مكروه حيث نقول به، فالأكثرون من الأصحاب على أنه يملكها المهدى إليه.
والمختار عندي: أنه لا يملكها كما حكاه القفال (١) اعتباراً بالمعنى الذي لحظوه؛ من أنه إنَّما أهدى إليه لقوة المسلمين لا لقوته بخصوصه، ويرشد إلى هذا حديث معاذ (٢) لما بعثه النبي ﷺ إلى اليمن، وجاء بهدايا، وقصته مع أبي بكر وعمر مشهورة.
بل أقول: إن حديث ابن اللتبية (٣) وغيره إنما يدل على هذا، ولا يدل على التحريم؛ ولهذا سماها غُلولًا، فالقول بأن الهدايا حرام تُرَدُّ على صاحبها مخالف لحديث ابن اللتبية، ولحديث معاذ.
والقول بأنها حرام وتوضع في بيت المال، لم يدل عليه الأحاديث، وفيه نسبة معاذ إلى ارتكابه مع قوله ﷺ:«أعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل»(٤).
(١) سبق قوله ص ٧٨. (٢) سبق تخريجه. (٣) سبق تخريجه. (٤) وهذا ثناء عظيم من رسول الله ﷺ على أفضلية علم معاذ بالحلال والحرام، أخرجه أحمد (١٢٩٠٤) ٢٠/ ٢٥٢، وابن ماجه (١٥٤) ١/ ٥٥، والترمذي (٣٧٩١)، باب مناقب=