وحدثني إبراهيم بن هانئ، وعمي، قالا: حدثنا محمد بن سعيد الأصفهاني، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، عن أبي بكر الهذلي (١)، عن عكرمة، قال: قال شيبة (٢)، وقال ابن هانئ في حديثه: شبيب بن عثمان: لما غزا النبي ﷺ يوم حنين، تذكرت أبي وعمي، قتلهما علي وحمزة رضي الله تعالى عنهما، فقلت: اليوم أدرك ثأري من محمد ﵇، قال: فجئته، فإذا بالعباس بن عبد المطلب عن يمينه، عليه درع بيضاء كأنها الفضة، تكشف عنها العجاج، قال: فقلت عمه لن يخذله، قال: فجئته عن يساره، فإذا بأبي سفيان بن الحارث، قال: فقلت ابن عمه لن يخذله، قال: فجئت من خلفه، فدنوت، ودنوت، ودنوت، حتى لم يبق إلا أن أسوره سورة السيف، ورفع لي شهاب من نار كالبرق، فخفته فنكصت (٣) القهقرى، فالتفت إلي النبي ﷺ، فقال:«تعال يا شبيب»، قال: فوضع رسول الله ﷺ يده على صدري، فاستخرج الله ﵎ الشيطان من قلبي، فرفعت إليه بصري، وهو أحب إلي من سمعي وبصري، ومن كذا، فقال لي:«يا شبيب قاتل الكفار»، ثم قال:«يا عباس اصرخ بالمهاجرين الذين بايعوا تحت الشجرة، وبالأنصار الذين أووا ونصروا»، قال: فما شبهت عطفة الأنصار على رسول الله ﷺ إلا عطفة الإبل على أولادها، أو كما قال، حتى نزل رسول الله ﷺ مكانه في حرجة (٤)، قال: فلرماح الأنصار كانت أخوف عندي على رسول الله ﷺ من رماح الكفار، ثم قال:«يا عباس ناولني من الحصباء»، قال: وأفقه الله البغلة كلامه، فاختفضت (٥) به حتى كاد بطنها يمس الأرض، قال: فتناول رسول الله ﷺ.
(١) هو أبو بكر الهذلي البصري، قيل: اسمه سلمى بن عبد الله، وقيل: روح، إخباري متروك الحديث. (٢) هو شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدري الحجبي المكي، يكنى أبا عثمان وقيل أبا صفية، صحابي له أحاديث. (٣) نكص: من النكوص وهو الإحجام والانقداع عن الشيء، والرجوع إلى الوراء. العين: (٥/ ٣٠٣)، تهذيب اللغة: (١٠/ ٢٧)، النهاية في غريب الحديث: (٥/ ١١٦) مادة (نكص). (٤) الحرج: الشجر الملتف، الواحدة حرجة. غريب الحديث للحربي: (١/ ٢٤٠). (٥) اختفض الشيء: أي انحط بعد علو، كانخفض، والخفض نقيض الرفع، يقال: خفض رأس البعير، أي مده إلى الأرض لتركبه. العين: (٤/ ١٧٨)، تاج العروس: (١٨/ ٣٢١) مادة (خفض).