والمعنى الذي استعمله المصنف هنا مجازي، فهو أراد تلقيح الفهوم والعقول، وهذا التلقيح لا يتم إلا بالمعارف والتجارب والعبر، ومنه قولهم:«جرب الأمور فلقحت عقله»، و «المشورة تلقيح العقول»، وقول أبي حازم الأعرج:«النظر في العواقب تلقيح العقول»(١)، وقول أبي عبد الله الروذباري:«مجالسة الأضداد ذوبان الروح، ومجالسة الأشكال تلقيح العقول»(٢)، وقول من قال:«ملاقاة الناس تلقيح العقول»(٣)، وغيرها من الأمثال التي تفيد معنى ما أراده المصنف وهو: شحذ الأفكار، وتنشيط الأذهان، وتثبيت المعلومات، وحصول الملكات ورسوخها، وتحريك الهمم نحو الغايات الحميدة التي قصدها، ألا وهي معرفة فضائل الرسول ﷺ.
وقد ألف العلماء عدة تصانيف تشترك مع هذا الكتاب في الشطر الأول من التسمية، منها:
كتاب تلقيح العقول، لبرية بن أبي اليسر الرياضي (ت ٣٤١ هـ)، وهو كتاب في الأدب معظم مادته أمثال وحكم، ويعد نموذجا مبكرا للتأليف الأدبي في المغرب العربي خلال فترة حكم الفاطميين، وقد طبع بتحقيق د. محمد حسين الأعرجي، عن منشورات الجمل في حدود ٣١٩ صفحة.
كتاب تلقيح العقول، ليزيد بن إبراهيم بن محمد الشيباني القيرواني الأديب (ت نحو ٣٥٠ هـ)، وهو مصنف في الأدب، ذكره الزركلي (٤).
كتاب تلقيح العقول، لأبي عبد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني الخراساني البغدادي (ت ٣٨٤ هـ)، وهو كتاب في الأدب، يضم أكثر من مائة باب، أوله باب العقل، ثم باب الأدب، ثم باب العلم وما جانس ذلك وقاربه، وهو أكثر من
(١) جمهرة الأمثال: (٢/ ٤٢٧ - ٤٢٨)، أساس البلاغة: (٥٧٠)، المستقصى في أمثال العرب: (١/ ٣٥٣). (٢) طبقات الصوفية للأزدي: (٣٧١). (٣) الانتصار لأصحاب الحديث: (٨١)، الحجة في بيان المحجة: (١/ ٣٤٧). (٤) الأعلام: (٨/ ١٧٩).