للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أما المعنى الثاني الذي قد تفيده تحلية القزويني، بقوله: «الفقيه»، فهو أن مترجمنا فقيه بالأحكام الشرعية، وأنه كان متبعا لأحد المذاهب الفقهية السنية المشهورة آنذاك، وقد ترجح لي من جملة معطيات وقرائن أن أبا عبد الله التميمي كان على معتقد سني، ومتبعا للمذهب الشافعي في الفقه بالأحكام الشرعية، والله تعالى أعلم وأحكم، وتتلخص هذه القرائن فيما يأتي:

• أن المذهب الشافعي كان سائدا بالمشرق الإسلامي لا سيما ببلاد الرافدين، خلال القرنين الخامس والسادس الهجريين وحتى أوائل القرن السابع الهجري، وظل كبار مشايخ الشافعية يترأسون مجالس العلم والإفتاء بأغلب المدارس النظامية وغيرها المشهورة آنئذ، إلى أن حلت مصيبة المغول والتتار، فكان وقعها على البلاد والعباد، وعلى الحركة العلمية والمذهبية ببلاد المشرق الحبيبة ما كان.

• تقرر في الكتب التي أرخت للبصرة ولأحوالها أن أهلها كانوا على معتقد أهل السنة والجماعة وعلى مذهب الإمام الشافعي، ولذلك قيل: «كل بصري الأصل سني» (١)، ومع هذا فلا تخلو المدينة من مالكية وحنفية وحنابلة، وهو ما نجده في بعض مشايخ المصنف، أما ما كان فيما بعد من ترفض شط العرب، وغيرهم من نواحي البصرة، إنما هو لانعدام العلماء في البصرة ونواحيها.

• أن المتتبع لتراجم شيوخ المصنف لا سيما المعروفين منهم عينا وحالا، يجد أن أغلبهم شافعية المذهب، بل منهم من كان شيخ الشافعية في زمانه، من أمثال الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزآباذي الشيرازي (ت ٤٧٦ هـ)، والإمام أبي نصر عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد ابن الصباغ الأمير (ت ٤٧٧ هـ)، والقاضي أبي القاسم نصر بن بشر بن علي الجويثي (ت ٤٧٧ هـ)، وغيرهم.

• يظهر كذلك من خلال الطريقين اللذين روي منهما الكتاب، سواء في


(١) عنوان المجد: (١٦١ - ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>