وهي من مدن العراق المشهورة، كانت قبة الإسلام ومقر أهله، بنيت على عهد عمر ﵁ سنة ١٤ هـ، واختطها عتبة بن غزوان وأحسن سياستها، وشكلت المدينة في مبدأ الفتوح الإسلامية معسكرا مهما للجيوش التي كانت تغزو بلاد فارس، وقد ظلت المدينة عامرة إلى حدود أواخر القرن السابع الهجري، حيث هجرها أكثر أهلها هربا من الفتن والقلاقل، وكثرة المظالم، حتى أصبحت المدينة فيما بعد خربة واسعة، وآثارها باقية إلى الآن، وتمتد ما بين البصرة حاليا وبين قصبة الزبير (١)، وقد شهدت البصرة عبر تاريخها الطويل أحداثا جساما يشيب لهولها الولدان، كان أظهرها فتنة الزنج والقرامطة، ولذلك حق لابن الرومي أن ينشد أبياتا يرثي فيها البصرة، في قصيدة طويلة مطلعها:
ذاد عن مقلتي لذيذ المنام … شغلها عنه بالدموع السجام
أي نوم من بعد ما حل … بالبصرة ما حل من هنات عظام
أي نوم من بعد ما انتهك … الزنج جهارا محارم الإسلام
إن هذا من الأمور لأمر … كاد أن لا يقوم في الأوهام (٢)
أما البصرة اليوم، فيعود تأسيسها إلى ما بعد سنة ٣٧٥ هـ، وهي ثاني أكبر مدينة عراقية، تقع في أقصى جنوب العراق، على رأس سواحل الخليج العربي، وتبعد عن هذا الخليج قرابة ٥٥ كلم، وعن العاصمة بغداد بقرابة ٥٤٥ كلم.
(١) معجم البلدان: (١/ ٤٢٩ - ٤٤١)، الروض المعطار: (١٠٥ - ١٠٨)، البصرة ولاتها ومتسلموها: (٧ - ٨)، عنوان المجد: (١٥٨ - ١٦٤)، مختصر تاريخ البصرة للأعظمي: (١٠٠ - ١٣١). (٢) ديوان ابن الرومي: (٣/ ٣٣٨).