المشرف على البحث، الذي فتح لي مغاليق كثير من الأمور المبهمة، وتيسر الأمر أكثر بإطلاعي على مجموعة من دواوين الصناعة الحديثية وكتب الرجال. ولما كانت الأحاديث التي اشتمل عليها الكتاب في السيرة والفضائل، وليس فيها ما يتعلق بالعقائد والأحكام إلا القليل، لم أجد حرجا في اقتحام غمار تخريجها والحكم على أسانيدها، ومعلوم لدى أهل هذا الشأن تساهلهم في الفضائل والمناقب والآداب، وتشددهم في أحاديث العقائد والأحكام، ورغم ذلك فلست أدعي القيام بحقه، بل هو جهد المقل، فأسأل الله السداد في القول والعمل.
الثالث: أن مؤلف الكتاب من أعلام البصرة المغمورين، وهذا ما جعلني أبذل الجهد وغاية الوسع في سبيل الوقوف على ترجمته، أو حتى أي ذكر له في إحدى المصادر المطبوعة أو المخطوطة، وقد أعيتني المظان في الوقوف ولو على إشارة دالة على هذا الإمام المحدث، واستفرغت الوسع في سؤال المهتمين من أهل العلم ممن لهم دراية بالأعلام المشرقية (١) - وأخص منهم بالذكر الأستاذ الفاضل الدكتور جمال عزون، حفظه الله، الذي لم يذخر وسعا في إفادتي - حتى كدت أستيقن أن في الأمر تدليسا أو تعمية، لولا الإشارة اليتيمة الثمينة التي أفادنا بها سراج الدين القزويني في مشيخته، فذكر الكتاب من جملة مروياته، والأعجب أنه اشترط في المشيخة ذكر ما اشتهر من المصنفات وسارت بها الركبان، فكان الكتاب إذن حاله من الشهرة كما ذكر، والقزويني حجة في قوله.
الرابع: صعوبة دراسة أسانيد الكتاب، فمنها العالي والنازل، ونظرا لتأخر المصنف فمعظم أسانيده ثمانيات وتساعيات مع اعتبار وفرة ما اشتمل عليه هذا الكتاب من مرويات، فقد كنت أحيانا أجد صعوبات في البحث عن رجال
(١) تواصلت مع العديد من الأساتذة المبرزين، فأفادوني أيما إفادة، أهمهم: الأستاذ الفاضل خبير علم الاكتناه الدكتور قاسم السامرائي، والدكتور عامر صبري، والدكتور عزير شمس، وغيرهم أجزل الله لهم المثوبة.