قسيما، في عينيه دعج (١)، وفي أشفاره غطف (٢)، وفي صوته صهل (٣)، وفي عنقه سطع (٤)، وفي لحيته كثاثة، أزج أقرن (٥)، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سماه وعلاه البهاء، أجمل الناس، وأبهاهم من بعيد، وأحسنهم وأحلاهم من قريب، حلو المنطق، فصل لا نزر ولا هذر (٦)، كأن منطقه خرزات نظمن، يتحدرن ربعة، لا بائن من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن [بين](٧) غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرا، وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفون به، إن قال نصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، محفود (٨)، محسود، محشود، لا عابس، ولا معتد، قال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا، وأصبح صوت بمكة عاليا يسمعون الصوت، ولا يدرون من صاحبه، وهو يقول (٩):
جزى الله رب الناس خير جزائه … رفيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نزلاها بالهدى واهتدت به … فقد فاز من أمسى رفيق محمد
فيال قصي ما زوى الله عنكم به … من فعال لا يجازى وسؤدد
ليهن بني كعب مقام فتاتهم … ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها … فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد
(١) الدعج: السواد في العين وفي غيرها. غريب الحديث لابن قتيبة: (١/ ٤٧١). (٢) أي أشفاره طويلة. غرب الحديث لابن قتيبة: (١/ ٤٧١ - ٤٧٢). (٣) أي في صوته حدة وصلابة. غريب الحديث لابن الجوزي: (١/ ٦١٠). (٤) أي في عنقه طول، ومنه العنق السطعاء. غريب الحديث لابن قتيبة: (١/ ٤٧٣). (٥) الزجج: تقوس في الحاجب مع طول في أطرافه وسبوغ، وأقرن بمعنى مقرون الحواجب. غريب الحديث لابن الجوزي: (١/ ٤٣٢)، النهاية في غريب الأثر: (٤/ ٥٤). (٦) تريد أنه وسط، ليس بقليل ولا كثير. غريب الحديث لابن قتيبة: (١/ ٤٧٣). (٧) في الأصل: «بعد»، والتصحيح من المصادر. (٨) أي مخدوم، ويقال للحفدة: الحدم. غريب الحديث لابن قتيبة: (١/ ٤٧٤). (٩) من الطويل.