٤٧ - {يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ:} نزلت في شأن اليهود (١)، ويحتمل العموم في أهل الكتاب، بادروا وقت هذا الوعيد الكائن (٢) لا محالة. والوعيد أحد شيئين: إمّا طمس الوجوه وردّها على أدبارها وإمّا اللّعن.
واختلف في الطّمس والرّدّ على الأدبار، قيل (٣): محو آثار الوجوه من أصلها وصرف الأعين إلى الأقفية والمشي قهقرى، عن ابن عبّاس وابن جريج (٤). وقيل: الطّمس (٥) كختم القلوب وإغشاء الأسماع والأبصار، وهو الخذلان والذّهاب بالبركة والتّوفيق، والرّدّ على الأدبار هو (٦) الحشر والإجلاء إلى الشّام (٧). وقيل: الطّمس إنبات الشّعر على الوجوه كإنباته على الأقفية، وإليه ذهب الزّجّاج (٨).
وهذا الوعيد كائن لا محالة إمّا في الدنيا وإمّا في الآخرة (٩).
ولعن أصحاب السّبت مسخهم (١٠).
{وَكانَ أَمْرُ اللهِ:} أي: مأمور الله، كقوله:{هذا خَلْقُ اللهِ}[لقمان:١١]، وفائدته على هذا الإخبار عن نفاذ القدرة في جميع المرادات، وقيل: الأمر المفعول: الموعود (١١)، وفائدته أنّ الله لا يخلف الميعاد (١٢).
٤٨ - {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ:} نزلت في وحشيّ قاتل حمزة (١٣)، وهي على العموم. وتضمّنت مغفرة من غير توبة؛ لأنّه نفى مغفرة الإشراك، وتضمّنت مغفرة الكبائر (١٤).
والإشراك بالله من وجهين: إثبات شيء لا ابتداء له مع الله تعالى، والثاني: إثبات مدبّر متفرّد بفعله دون الله، فالأوّل إشراك الدّهريّة والثنوية، والثاني إشراك عبدة الجنّ والإنس والملائكة والنّجوم والأصنام.
(١) ينظر: تفسير الطبري ٥/ ١٧٠ و ١٧٣، والبغوي ١/ ٤٣٨، والقرطبي ٥/ ٢٤٤. (٢) في ب: الكان. (٣) في ك: قال. (٤) ينظر: تفسير الطبري ٥/ ١٧٠ - ١٧١، والتبيان في تفسير القرآن ٣/ ٢١٥، والبحر المحيط ٣/ ٢٧٨. (٥) في ك: الطمث، وهو تحريف، وكذا ترد قريبا. (٦) في ك: وهو، والواو مقحمة، وبعدها في ب: والإلجاء، بدل (والإجلاء). (٧) ينظر: تفسير الطبري ٥/ ١٧١ - ١٧٢، والبغوي ١/ ٤٣٩، ومجمع البيان ٣/ ٩٩. (٨) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٢/ ٥٩، وهو قول الفراء قبله في معاني القرآن ١/ ٢٧٢. (٩) ينظر: تفسير البغوي ١/ ٤٣٩، ومجمع البيان ٣/ ٩٩ - ١٠٠. (١٠) ينظر: معاني القرآن للفراء ١/ ٢٧٢، وتفسير الطبري ٥/ ١٧٤، ومعاني القرآن الكريم ٢/ ١٠٦ - ١٠٧. (١١) في ك: المفعول، وفي ب: للوعود. (١٢) ينظر: زاد المسير ٢/ ١٣٦، وتفسير القرطبي ٥/ ٢٤٥، والبحر المحيط ٣/ ٢٧٩. (١٣) ينظر: تفسير القرآن الكريم ٢/ ٣٣٧ - ٣٣٩، وتفسير البغوي ١/ ٤٣٩، ومجمع البيان ٣/ ١٠٠ - ١٠١. (١٤) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٢/ ٥٩ - ٦٠، وتفسير القرآن الكريم ٢/ ٣٣٩، وتفسير البغوي ١/ ٤٣٩.