ولمّا تكلّم على معنى (سنستدرجهم) في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}(١٨٢)[الأعراف:١٨٢] نقل عنه قوله: «هو أن يدنيهم من بأسه قليلا قليلا»(١).
وفي كلامه على معنى (قدم صدق) في قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ}[يونس:٢] قال: «عن القتبيّ: ما قدّموه من عمل صالح»(٢).
الزّجّاج، إبراهيم بن السّريّ (ت ٣١١ هـ):
في نهاية تفسيره سورة الفاتحة نقل عن الزجاج أنّ (آمين)«معناه: اللهمّ اسمع واستجب»(٣).
وفي أثناء حديثه عن هاء (مثابة) في قوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً}[البقرة:١٢٥] نقل عنه رأيا موافقا للفراء فقال: «ولا معنى لها عند الزجّاج والفرّاء كالمقام والمقامة»(٤).
وفي عرضه الأقوال المختلفة في توجيه (من سفه نفسه) من قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ}[البقرة:١٣٠] ذكر أربعة أقوال ثانيها ما ذهب إليه الزجاج فقال: «والثاني: أنّه جهل نفسه، ومنه قوله:{عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً}[البقرة:٢٨٢]، ويحتمل قوله صلّى الله عليه وسلّم:(إلا من سفه الحقّ)، وقولهم: فلان سفه رأيه. وجهل النفس يؤدّي إلى جهل منشئها، قال الله تعالى:{وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ}[الذاريات:٢١]، وقال صلّى الله عليه وسلّم:(من عرف نفسه فقد عرف ربّه)، وإلى هذا ذهب الزجّاج» (٥).
وفي تفسيره قوله تعالى:{قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ}[آل عمران:١٣٧] ذكر رأي الزجاج فقال: «وقال الزّجّاج: قد خلت من قبلكم ذو سنن وطرائق»(٦).
وقد يورد رأيه معترضا عليه، كما فعل في توجيه إعراب (أحياء) من قوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ}[آل عمران:١٦٩]، فبعد أن ذكر أنّ قوله:{أَحْياءٌ:} رفع؛ لأنّه خبر مبتدأ محذوف، تقديره: بل هم أحياء»، نقل رأي الزجاج فقال:«وقال الزّجّاج: لو كان منصوبا على تقدير: احسبهم أحياء، لكان جائزا»، واعترض عليه بقوله:«وليس كذلك؛ لأنّ الأمر من الحسبان غير جائز»(٧).