الراوي عن ذلك بالهجران، وإلا فقد قال رسولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث»، وهي أعلمُ الناس بما يحلُّ مِن ذلك ويحرُمُ، وأبعدُ الناس عن مخالفةِ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، كيف لا يكون كذلك؟ ! وهي بَضْعةٌ من رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، وسيدةُ نساء أهل الجنة). (١)
قال الكرماني (ت ٧٦٨ هـ) - رحمه الله -: (قوله: «وجدَتْ» أي: غضبت، وكان ذلك أمراً حصل على مقتضى البشرية، ثم سكن بعد ذلك؛ أو الحديث كان مؤولاً عندها بما فضُل عن ضرورات معاش الورثة، وأما هجرانها فمعناه: انقباضها عن لقائه، وعدم الانبساط، لا الهجران المحرَّم من ترك السلام ونحوه). (٢)
قال ابن الملقِّن (ت ٨٠٤ هـ) - رحمه الله -: (وإنما كان هجرانها له انقباضَاً عن لقائه، وترك مواصلته.
وليس هذا من الهجران المحرَّم، وإنما المحرَّمُ من ذَلِكَ أن يلتقيَا ...
(١) «المفهم» للقرطبي (٣/ ٥٦٨). (٢) «الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري» للكرماني (١٦/ ١١١ ـ ١١٢)، وعنه: البرماوي (ت ٨٣١ هـ) في «اللامع الصبيح شرح البخاري» (١١/ ٢٨٧)، وزكريا الأنصاري في «منحة الباري شرح البخاري» (٧/ ٣٧٧).