للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيما لا يقدر عليه إلا الله أورثهم ذلك هذه النتيجة الوخيمة زاد خوفهم وذعرهم وزاد طغيان الجن واستضعافهم إياهم، وهكذا كل من استعاذ بغير الله، فالذين يقصدون السحرة والمشعوذين لا يزيدهم هذا إلا وبالًا، فإنهم لا يزالون يبتزونهم ويستضعفونهم ويسلبون أموالهم؛ لأنهم يعلقونهم بأمر موهوم مخوف، فيزيدونهم رهقًا.

وأعظم ما استعاذ به المستعيذون هاتان السورتان: الفلق والناس، فعن أبي سعيد قال: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَيْنِ الْجَانِّ، ثُمَّ أَعْيُنِ الْإِنْسِ، فَلَمَّا نَزَلَتِ الْمُعَوِّذَتَانِ، أَخَذَهُمَا وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ) (١)، فينبغي للإنسان أن يعتني بهاتين السورتين في أوراد الصباح والمساء وقبل النوم؛ حتى يحصل بذلك العوذ الشرعي المطلوب، وعلى الإنسان ألا يستعيض عنها بالأدعية المزخرفة التي يصطنعها الناس، بل يرفع رأسًا بالعوذ الشرعية التي دل عليها كلام الله وكلام نبيه -وأن يقدمها على كل شيء.

وتجوز الاستعاذة بالله سبحانه بأن يقول: أعوذ بالله أو باسم من أسمائه: كأن يقول أعوذ برب الفلق أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس، فيكون قد استعاذ بجملة من أسماء الله، ويجوز أن يستعيذ بصفة من صفات الله: كأن يقول أعوذ بعزة الله، كما قال نبينا : (أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ، وَأُحَاذِرُ) (٢)، فاستعاذ بصفتين من


(١) أخرجه الترمذي رقم (٢٠٥٨)، والنسائي رقم (٥٤٩٤)، وابن ماجه رقم (٣٥١١)، وقال الترمذي "وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ"، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح (٢/ ١٢٨٦) رقم (٤٥٦٣).
(٢) أخرجه أبو داود رقم (٣٨٩١)، الترمذي رقم (٢٠٨٠)، وابن ماجه رقم (٣٥٢٢)، من حديث عثمان بن أبي العاص مرفوعا، وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وصححه ابن حبان رقم (٢٩٦٥)، وصححه الألباني في تخريج الكلم الطيب (ص: ١٣١)، رقم (١٤٩)، والأرناؤوط في تحقيق ابن حبان، وتقدم أنه في مسلم بلفظ (أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ).

<<  <   >  >>