عشر الهجري بحق. فقد كانت ولادته سنة ألف ومائة وخمس عشرة (١١١٥ هـ)، ووفاته سنة ألف ومائتين وست (١٢٠٦ هـ)، فانطبق عليه شرط التجديد، كما قال ابن الأثير،﵀:(المراد من انقضت المائة وهو حي، عالم، مشهور، مشار إليه)(١). وقال السيوطي ﵀:
والشرط في ذلك أن تمضي المئة وهو على حياته بين الفئة
يشار بالعلم إلى مقامه وينصر السنة في كلامه (٢)
وقد جهر الشيخ بدعوته، وتصدى للناس بعد وفاة والده القاضي عبد الوهاب سنة ألف ومائة وثلاث وخمسين (١١٥٣ هـ)، وعمره يناهز الأربعين، فأمضى نصف قرن من الزمان في حركة دائبة، غيرت مسار التاريخ، وكان لها ما بعدها. ومن ثمَّ تنازع الكتَّاب والمحللون، في حقيقة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب؛ هل كانت تجديداً دينياً؟ أو نشاطاً علمياً؟ أو إصلاحاً اجتماعياً؟ أو مشروعاً سياسيًا؟ أو هو جميع ذلك؟ ناهيك عما ينبزها به خصومها الظالمون من الدعاوى المغرضة؛ بأنها مذهب خامس، أو حركة خوارج تكفر المسلمين، وتستبيح دماءهم!!.
إن من السهولة بمكان على الباحث المنصف أن يجد الجواب الصريح على هذه التساؤلات، والرد المفحم على هذه الشبهات، فيما خلفه الشيخ وتلاميذه من تراث ضخم، وفيما حفظه التاريخ من وقائع وأعمال تنبئ عن حقيقة هذه الدعوة الفريدة.
ويمكننا الإشارة إلى جملة من المعالم البارزة في دعوة الشيخ،﵀:
(١) جامع الأصول (١١/ ٣١٩). (٢) نظم تحفة المهتدين بأخبار المجددين للسيوطي.