للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (وَمَنْ دَعَا النَّاسَ إِلَى عِبَادَةِ نَفْسِهِ): من دعا إلى عبادة نفسه أشد ممن عبد وهو راض؛ لأنه حمل الناس وندبهم إلى أن يعبدوه من دون الله ﷿، ومن هؤلاء فرعون الذي تباهى واستخف فقال: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨]، وقال: ﴿قَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤] بل قال لموسى: ﴿قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ﴾ [الشعراء: ٢٩] فحملهم على عبادته من دون الله ﷿.

قوله: (وَمَنْ ادَّعَى شَيْئًا مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ): علم الغيب لا يعلمه إلا الله فإنه على اسمه: غيب، فالكهان، والسحرة، والمنجمون، والمتنبئون الكذابون، ومن على شاكلتهم، جميعًا طواغيت؛ لأنهم يدَّعون علم الغيب، فيزعمون أنهم يخبرون بالأمور الغائبة والأمور المستقبلة؛ وقد قال الله : ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ [النمل: ٦٥]. فكل من ادعى علم الغيب بأي صورة من الصور، فإنه طاغوت.

وأما إن اطلع على بعض الأمور المعلومة لكن بطرق معقولة، فهذا لا يدخل في ذلك، كما يجري عن طريق الاتصالات السريعة، فهذا ليس من ادعاء علم الغيب، بل من ادعاء علم الشهادة، لكن علم الغيب الذي لا يكون إلا مستقبَلًا أو أمورًا لا يمكن إدراكها، فهذا لا يكون إلا كاهنًا أو ساحرًا أو منجمًا. وقد كثروا -لا كثرهم الله- واستغلوا ضعف الناس، وصاروا يحلبون أموالهم بغير حق، بدعوى أنهم يخبرونهم بالمغيبات.

ومن شواهد ذلك في العصر الأخير: ما يسمى بالمطالع والنجوم والأبراج فقد شاع وفشا في بعض المجلات التافهة، ما يسمى بالأبراج، يقولون: إذا كنت أنت من برج الحمل أو من برج الأسد أو من برج كذا

<<  <   >  >>