إي والله، أقام الله الحجة على كل أحد، ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ [فاطر: ٢٤].
قوله:(يَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ عِبَادَةِ الطَّاغُوتِ وَالْدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولا أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)[النحل: ٣٦]، وَافْتَرَضَ اللهُ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ الْكُفْرَ بِالطَّاغُوتِ وَالإِيمَانَ بِاللهِ): وهذه دعوى الأنبياء جميعًا، يقول الله ﷿: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: ٢٥]، هذا مشروع الأنبياء جميعًا. ولا بد من اقتران هاتين الركيزتين معًا: الأمر بعبادة الله، واجتناب الطاغوت كما قال تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ﴾ [البقرة: ٢٥٦]، لا يمكن إلا أن يجمع الإنسان بين الأمرين: الكفر بالطاغوت الذي يحصل به التخلية، والإيمان بالله الذي يحصل به التحلية، فلا بد من البراءة من الشرك تمامًا، وهذا هو الموافق للشق الأول من جملتي الشهادة: لا إله، ثم تتمتها بالإيمان بالله ﷿: إلا الله، فالكفر بالطاغوت والإيمان بالله قضيتان متلازمتان لا انفكاك بينهما، ولا يمكن أن يتصور مؤمن بالله وبالطاغوت في آنٍ واحد، هذان أمران لا يجتمعان، ﴿إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ [الممتحنة: ٤]، لقد كانوا مؤمنين بالله ولكن ما كانوا موحدين بالله، لا بد من الإيمان بالله وحده.