للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَحِمْيَرَ - أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى - " (١) وورد نحوه عن أنس مرفوعا ثم تلا ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩] قَالَ: («وَهَذَا المَقَامُ المَحْمُودُ الَّذِي وُعِدَهُ نَبِيُّكُمْ » (٢).

فلهذا كانت هذه الأمة السعيدة هي أول الأمم يقضى بينها يوم القيامة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : " نَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ … " (٣).

فيقع القضاء بين العباد، ويقع في ذلك اليوم أمور عظيمة مهولة، يحار العقل في التفكر بها: ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (٢٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا﴾ [الفرقان: ٢٥، ٢٦].

فتنشق كل سماء كما في بعض الآثار، وينزل ملائكتها فيحيطون بأهل الأرض إحاطة السوار بالمعصم، فتنشق السماء التي بعدها فيحيطون بمن قبلهم حتى يكونون سبع حِلق حول أهل الأرض. ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾ [الرحمن: ٣٣].

يكون ذلك كالإرهاص والمقدمة لتنزل الرب ومجيئه لفصل القضاء بين العباد، فينزل ربنا نزولًا حقيقيًا، ويجيء مجيئًا حقيقيًا، ويأتي إتيانًا حقيقيًا على الوجه اللائق به -سبحانه-، لا ندرك كيفية ذلك ولا نتخيله، لكن نثبت معناه حقًا وصدقًا، فيجيء الرب للقضاء بين العباد يوم القيامة.


(١) أخرجه البخاري رقم (٤٧١٢) واللفظ له، ومسلم رقم (١٩٤).
(٢) أخرجه البخاري رقم (٧٤٤٠).
(٣) أخرجه البخاري رقم (٢٣٨)، ومسلم رقم (٨٥٥) واللفظ له.

<<  <   >  >>