للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصَّالِحَاتِ﴾ [الشعراء: ٢٢٧] ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [النساء: ١٧٣]، ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة: ٥]، فلابد من طاعة، فلو زعم زاعم أنه قد أفرد الله بالتوحيد لكنه لا يعمل عملاً البتة، لقلنا هذه دعوى باطلة.

قوله: (وَالْبَرَاءَةُ مِنَ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ): البراءة تعني: التخلي والمجانبة؛ إذ لا يجتمع توحيد وشرك فالله تعالى يجعل الإيمان قائمًا على ساقين: توحيد الله والبراءة من الشرك كما قال الله ﷿ في آية الكرسي: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ [البقرة: ٢٥٦]، قال الله تعالى في قصة الفتية من أهل الكهف ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ﴾ [الكهف: ١٦]، فقد كان قومهم يعبدون غير الله، ويعبدون الله أيضًا، لكن هؤلاء الفتية أفردوا الله بالعبادة فلم يكن قومهم قد تركوا عبادة الله كانوا يعبدون الله لكنهم يفسدون ذلك بالشرك. وكذا قال إبراهيم: ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ [الزخرف: ٢٦، ٢٧]، فقد كان قومه يعبدون الله لكنهم يفسدون ذلك بعبادة غيره معه فتبرأ من جميع معبوداتهم واستثنى ربه ﷿. وكذا كان مشركو العرب فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ: لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ : (وَيْلَكُمْ، قَدْ قَدْ) فَيَقُولُونَ: إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ، تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ، يَقُولُونَ هَذَا وَهُمْ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ (١). فأهل النبي بالتوحيد: (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ


(١) أخرجه مسلم رقم (١١٨٥).

<<  <   >  >>