١) أنه وجه غير منضبط؛ فليس له قواعد تضبطه، ولا ميزان للحكم عليه، ولا يخفى أن قضية إعجاز القرآن الكريم قضية غاية في الأهمية والخطورة، وعليها ينبني القول بمصدرية القرآن الكريم، ومن ثم القول بنبوة محمد ﷺ، ولا يمكن أن يكون هذا الأمر قائماً على قضايا ذوقية لا حد لها ولا ضابط.
ولذلك وجدنا كثيراً ممن ذكروا هذا الوجه يأتون بكلام السكاكي في أن من وجوه الإعجاز ما لا يدرك ولا يمكن وصفه، ويعقبون عليه كما فعل الخطيب في كلام السكاكي. ولكن ما ذكره يحتاج إلى شرح أكثر؛ فإن السكاكي لما قال هذا القول، فرّع عليه أمورًا كثيرة حول البلاغة والفصاحة، فإنه لم يكن يقصد مجرد الذوق، بل هو ذوق من نوع خاص ومصدر معين.
٢) إن من شروط الإعجاز أن يكون متحققاً في جميع أنواع المخاطبين وأجناسهم، فهو من قبيل الكليات الموجبة التي تنتقض بالجزئية السالبة، توضيح ذلك: أنا إذا قلنا بالإعجاز التأثيري، فإنه ينبغي أن يكون كل من يسمع القرآن الكريم متأثراً به، دون تخلف أي واحد من السامعين، كما نقول: إن أحداً من العوالم كلها لا يستطيع أن يأتي بمثل القرآن الكريم، وإنه من المعلوم أن بعض الناس لا يتأثرون بالقرآن الكريم عند سماعه، بل إن بعض الناس يمقته ولا يطيقه، كرهاً منه للإسلام ولنبي الإسلام محمد ﷺ، وهذا يعكر على شرط الإعجاز.
٣) يشترط أن يكون الإعجاز في الكلام المعجز نفسه، لا في غيره ومن غيره، حتى ولو كان من آثاره، وقد سبق أن رفضنا الصرفة، لأن القول بها يؤول إلى كون الإعجاز في أمر خارج عنه، مع الفارق الكبير بين مصطلحي تأثير القرآن والصرفة، من حيث