للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفرع السادس الإيجاز والإطناب والمساواة]

يقول الخطيب: (المقبول من طرق التعبير عن المعنى هو تأدية أصل المراد بلفظ مساو له، أو ناقص عنه واف، أو زائد عليه لفائدة) (١).

فالأول هو المساواة، والثاني هو الإيجاز، والثالث هو الإطناب. وسأورد في هذا المطلب شيئاً من الأمثلة على الإيجاز مكتفياً بذلك خشية الإطالة، وللخلاف الكبير في الأمثلة التي مثّل بها البلاغيون على المساواة والإطناب قبولاً ورداً، تأصيلاً وتطبيقاً، وإليكها:

المثال الأول: إيجاز الحذف الوارد في قوله تعالى: ﴿إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣)[المدثر: ٣٩ - ٤٣].

يقول الزمخشري: (فإن قلت: كيف طابق قوله: ﴿مَا سَلَكَكُمْ﴾ وهو سؤال للمجرمين: قوله ﴿يَتَسَاءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١)﴾ وهو سؤال عنهم؟ وإنما كان يتطابق ذلك لو قيل: يتساءلون المجرمين ما سلككم. قلت: ﴿مَا سَلَكَكُمْ﴾ ليس ببيان للتساؤل


(١) الإيضاح في علوم البلاغة، القزويني، ج ٣، ص ١٧٣. ذكر هذا الكلام بعد رده على السكاكي في رأيه في الإيجاز والمساواة والإطناب في مسألتي: النسبية، والبناء على متوسط الأعراف، وهو مبحث جميل، ليس هذا الكتاب مكان تحقيقه وبسطه.

<<  <   >  >>