للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنهم، وإنما هو حكاية قول المسئولين عنهم، لأن المسئولين يلقون إلى السائلين ما جرى بينهم وبين المجرمين، فيقولون: قلنا لهم ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين؛ إلا أن الكلام جيء به على الحذف والاختصار، كما هو نهج التنزيل في غرابة نظمه) (١).

ويقول ابن عاشور: (ومعنى ﴿يَتَسَاءَلُونَ﴾ يجوز أن يكون على ظاهر صيغة التفاعل للدلالة على صدور الفعل من جانبين، أي يسأل أصحاب اليمين بعضهم بعضا عن شأن المجرمين، وتكون جملة ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢)﴾ بيانا لجملة ﴿يَتَسَاءَلُونَ﴾. وضمير الخطاب في قوله: ﴿سَلَكَكُمْ﴾ يؤذن بمحذوف والتقدير: فيسألون المجرمين ما سلككم في سقر، وليس التفاتاً، أو يقول بعض المسئولين لأصحابهم جوابا لسائليهم قلنا لهم: ما سلككم في سقر) (٢).

المثال الثاني: الإيجاز في قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ (هَاتُوا) بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١١١)[البقرة: ١١١].

قال ابن عاشور: (فأو هاهنا للتوزيع، وهو ضرب من التقسيم الذي هو من فروع كونها لأحد الشيئين؛ وذلك أنه إيجاز مركب من إيجاز الحذف؛ لحذف المستثنى منه، ولجمع القولين في فعل واحد، وهو (قالو). ومن إيجاز القصر؛ لأن هذا الحذف لما لم يعتمد فيه على مجرد القرينة المحوجة لتقدير، وإنما دل على المحذوف من القولين بجلب


(١) الكشاف، الزمخشري، ج ٤، ص ٦٥٥.
(٢) التحرير والتنوير، ابن عاشور، ج ٢٩، ص ٣٢٥.

<<  <   >  >>