للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشبهة الأولى:

مفادها: أنه يوجد في كل عصر وزمان قوم لا يبارون ولا يجارون، من أمثال امرئ القيس وغيره من الشعراء الأفذاذ.

وقد أجاب عبد القاهر عن هذه الشبهة بأنه قد وجد في عصر كل من برز منهم من كان مستعدا للمبارزة والمعارضة والمماتنة. ومن ذلك علقمة التي قضت تلك المرأة بتفوقه على امرئ القيس فيما تماتنوا فيه. وأيضاً الحارث اليشكري الذي اعترف له امرؤ القيس نفسه بغلبته وتفوقه، قائلاً قولته المشهورة: (والله لا أماتنك بعد هذا) (١).

ولا بد أن أنبه هنا إلى أن هذين الشاعرين: علقمة والحارث، وإن غلبا شعر امرئ القيس في حادثة معينة، إلا أن هذا لا يعني أنهما تفوقا عليه في كل شيء، أو أن أحدهما بلغ الكمال الشعري في كل القصائد والأبيات. وهذا هو حال الشعراء جميعاً، يتفوقون في قصيدة ويضعفون في أخرى، وحتى القصيدة الواحدة، يحلقون في بعض أبياتها بلاغة وفصاحة، ولكنهم يضعفون في بعض أبياتها الأخرى، وهكذا.

[الشبهة الثانية]

ومدار هذه الشبهة على الزعم بأن العرب لم يأتوا بمثل القرآن لأنهم تُحدوا بأن يأتوا بنظم في مثل تلك المعاني التي جاء بها القرآن، وهي لم تكن ممكنة لديهم، ولا يصح التحدي إلا بما يتصور وجوده.


(١) الرسالة الشافية، الجرجاني، ص ١٣٠.

<<  <   >  >>