للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفرع الثاني التقديم والتأخير]

من المعلوم أن الكلام العربي يأتي وفق نظام محدد منتظم في ترتيب الكلمات والحروف -عمومها وخصوصها-، وقد نص أهل اللغة على هذا الترتيب الذي يجب أن يتبع، وأنه لا يجوز الخروج عنه إلا لنكتة أو فائدة يريدها المتكلم من خطابه. وإن القرآن الكريم هو الكتاب الذي حفظ اللهُ به العربيةَ، جاء في أبدع تركيب عرفته اللغة العربية، بله اللغات كلها، ولقد اشتمل القرآن الكريم على أمثلة من أسلوب التقديم والتأخير، جاءت لفوائد نفيسة، وفرائد لطيفة، تجزم معها أنه تنزيل من حكيم حميد، فما أخّر القرآن كلمة إلا لغاية، ولا قدّم أخرى إلا لحكمة، بما يشدَهُ العقول ويشد النفوس والقلوب، وأتركك مع هذه الأمثلة التي تبين سمو القرآن الكريم وعلو شأنه في استعمال العربية.

أولاً: في المتشابه

من الأمثلة على ذلك ما ورد من تقديم الإبداء على الإخفاء وعكسه في قوله تعالى: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٨٤)[البقرة: ٢٨٤]. وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٩)[آل عمران: ٢٩].

<<  <   >  >>