للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حرف أو كانت (أو) تعبيراً عن المحذوف بأقل عبارة فينبغي أن يعد قسما ثالثاً من أقسام الإيجاز وهو إيجاز حذف وقصر معاً) (١).

المثال الثالث: ومن أمثلة إيجاز القصر قوله تعالى: ﴿وَأَحْسِنُوا﴾ في قوله تعالى: ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (وَأَحْسِنُوا) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥)[البقرة: ١٩٥].

تفكر قليلاً في معنى هذه الكلمة، وسترى عجباً عجاباً مما حوته من أصول الإحسان وفروعه، وعناوينه ومفرداته، فالإحسان قاعدة من القواعد التي ينبني عليها الإسلام، قاعدة عامة لا تتخلف ولا تنتقض، فهي علاقة المخلوق مع خالقه، وعلاقة المخلوق مع نفسه وخاصته، وعلاقته مع المخلوق المساوي له في جنسه أو في نوعه، بل وعلاقته مع المخلوق الذي لا يساويه لا في جنسه ولا في نوعه كالعوالم الأخرى. وقد جاءت نصوص الشريعة مبثوثة تعاليمها، متفرقة إرشاداتها، في آيات القرآن الكريم، وأحاديث الهادي الأمين، وكأن هذه الكلمة: ﴿وَأَحْسِنُوا﴾ جاءت لتنبه كل من يسمعها وتحثه أن يبحث عن مفرداتها وأشكال تطبيقها، حتى تكون سمته العامة وصفته اللازمة المتلازمة.

وأكتفي بهذا القدر من أمثلة الإعجاز البياني، مؤكداً على أن أمثلته -عند التحقيق والتدقيق- هي كل كلمات القرآن في تراكيبها وأساليب نظمها، فليس ثمة كلمة إلا


(١) التحرير والتنوير، ابن عاشور، ج ١، ص ٦٧٣. العلماء يذكرون نوعين للإيجاز ولكن ابن عاشور عدَّ هذاً نوعاً ثالثاً للغاية التي ذكرها.

<<  <   >  >>