للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثاً: إن القسمة التي ذكرها غير منطقية، حيث قال في القسم الأول: (ما يراد به إثبات الرسالة) (١). وقال في القسم الثاني: (أن يظهر الخارق على يديه بلا اقتران بدعوى الرسالة) (٢). وهذه قسمة غير منطقية، فالأصل أن يقول: ما يراد منه إثبات الرسالة، وما لا يراد منه إثبات الرسالة. أو أن يقول: ما اقترن بدعوى النبوة، وما لم يقترن بدعوى النبوة. ولا شك أن هذه القسمة لا دليل عليها، ومن أين لنا أن شيئاً من المعجزات غير مقترن بدعوى الرسالة، فكل المعجزات سارت مع دعوى الرسالة، واقترنت بها اقتران المقال أو الحال، وبما أنهم لم يشترطوا التصريح لإعلان التحدي؛ فإن انعدام هذا الشرط في دعوى الرسالة أصرح وأوضح.

ولا بد هنا من بيان السبب الذي من أجله اشترط بعض العلماء هذا الشرط، وهو أنهم رأوا أن فعل الخارق ممكن وقوعه في غير الخوارق التي يأتي بها الأنبياء كأفعال السحرة ونحوهم، وقد بينوا أن المعجزة لا تختلف عن السحر إلا باشتراط التحدي؛ ففي هذا الشرط نفصل بين فعل النبي وفعل الساحر، يقول الباقلاني: ( … فهذا من أقوى الأدلة وأصحها على أن المعجز ليس بمعجز لجنسه ونفسه، ولا لحدوثه، وإنما يصير معجزاً للوجوه التي ذكرناها ومنها التحدي والاحتجاج) (٣).

وقد اعترض على هذا الشرط بعض العلماء بأمور عدة:


(١) انظر: إعجاز القرآن الكريم بين السيوطي والعلماء، محمد حسن، ص ٣٧.
(٢) انظر: إعجاز القرآن الكريم بين السيوطي والعلماء، محمد حسن، ص ٣٧.
(٣) البيان عن الفرق بين المعجزات والكرامات والحيل والكهانة، الباقلاني، تحقيق: مكارثي، المكتبة الشرقية، بيروت، ط ١٩٥٨ م، ص ٤٨.

<<  <   >  >>