للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: إن هذا الأمر مخالف للواقع، فإن رسول الله لم يكن يتحدى بالمعجزات التي جاء بها كلها، ولم تصرّح الأدلة بالتحدي إلا في مواطن قليلة جداً، ولا يجوز الحكم على الكثير بالقليل.

ثانياً: لا يجوز أن يكون الدليل هو المدلول نفسه (١).

ثالثاً: إن في هذا الشرط مساواة بين معجزات الأنبياء والأفعال التي يأتي بها السحرة والكهان، مساواة الجنس بالجنس، والحقيقة بالحقيقة.

رابعاً: أنه لو كان اشتراط التحدي شرطاً صحيحاً لسقط معنى الإعجاز في كثير من معجزات النبي ، يقول ابن حزم: (لو كان ما قالوا؛ لسقطت أكثر آيات رسول الله كنبعان الماء من بين أصابعه، وإطعامه المئتين والعشرات من صاع شعير وعناق ومرة أخرى من كسر ملفوفة في خمار، وكتفله في العين فجاشت بماء غزير إلى اليوم، وحنين الجذع، وتكليم الذراع، وشكوى البعير، والذئب، والإخبار بالغيوب، وتمر جابر وسائر معجزاته العظام؛ لأنه لم يتحد بذلك كله أحداً، ولا عمله إلا بحضرة أهل اليقين من أصحابه ، ولم يبق له آية حاشا القرآن ودعاء اليهود إلى تمني الموت وشق القمر فقط) (٢).


(١) يقول ابن تيمية في كتابه النبوات: (دعوى النبوة هو الذي تقام عليه البينة، والذي يقام عليه الحجة ليس هو جزءاً من الحجة)، ج ١، ص ٥٤٢.
(٢) الفصل في الملل والأهواء والنحل، ابن حزم، مكتبة الخانجي، القاهرة، ج ٥، ص ٦.

<<  <   >  >>