ذكر الزرقاني هذه الاعتراضات الثلاثة، ولكنه أعقبها بقوله:(وأجيب: بأنه ليس الشرط الاقتران بالتحدي بمعنى طلب الإتيان بالمثل الذي هو المعنى الحقيقي للتحدي، بل يكفي للتحدي دعوى الرسالة، والله أعلم)(١).
والجواب الذي أجاب به الزرقاني قد قال بمثله أو قريباً منه علماء كثيرون كالشعراني (٢) وإمام الحرمين (٣). والذي يظهر -والله أعلم- أن دعوى الرسالة لا تسد مسد طلب التحدي، وخاصة أننا نعلم أن معجزات الأنبياء ﵈ لم تكن مقتصرة على المعاندين الكافرين، بل إنها كثيراً كانت تقع أمام الموحّدين المتّبعين للرسول ﷺ المبعوث فيهم، وأي ثمرة للتحدي، وأي ثمرة لادعاء النبوة أمام من آمن وعمل صالحاً ثم اهتدى إن حصرناها بالتحدي وطلب الإيمان، إلا أنها تزيدهم إيماناً مع إيمانهم الذي انغرس في نفوسهم وعقولهم.
وأنوّه هنا إلى أن بعض الباحثين قد خرج من هذا التكييف التأصيلي في مسألة اشتراط التحدي وقسّم المعجزات إلى قسمين اثنين:
(١) شرح الزرقاني على المواهب اللدنية، الزرقاني، ج ٦، ص ٤١٤. (٢) يقول: (المراد بالتحدي هو الدعوى للرسالة، وفيما قلنا تنبيه على أنه ليس الشرط الاقتران بالتحدي، بمعنى طلب الإتيان بالمثل الذي هو المعنى الحقيقي للتحدي، وإنما المراد أنه يكفي دعواه الرسالة)، اليواقيت والجواهر، الشعراني، ص ١٥٧. (٣) يقول: (ثم يكفي في التحدي أن يقول: آية صدقي أن يحيي الله هذا الميت، وليس من شرط المتحدي أن يقول: هذه آيتي ولا يأتي أحد بمثلها)، الإرشاد، ص ٢٦٥.