للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الموضع الثاني: حذف مفعول (تعلمون) في قوله تعالى: ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)[التكاثر: ٣ - ٤].

اختلف المفسرون في مفعول: (تعلمون) على وجهتين:

الأولى: تعيينه، وممن عينه الطبري حيث قال: (سوف تعلمون إذا زرتم المقابر، أيها الذين ألهاهم التكاثر، غِبَّ فعلكم، واشتغالكم بالتكاثر في الدنيا عن طاعة الله ربكم) (١). والزمخشري حيث قال: (سوف تعلمون الخطأ فيما أنتم عليه إذا عاينتم ما قُدّامكُم من هول لقاء الله) (٢).

الثانية: ترك تعيينه حتى تذهب النفس فيه كل مذهب، وهو الراجح هنا؛ لأن الله ﷿ ترك تعيينه، وهذا مقصد جليل من مقاصد القرآن العظيمة في ترك تعيين المبهم أو تفسير المجمل أو تقييد المطلق ونحو ذلك. ولا أقصد بهذا الترجيح تخطئة الذين عينوه؛ لأنهم -في ظني- لم يقصدوا بتعيينه قصر الصواب على ما عينوه، وما ذكروه إنما هو من قبيل المثال لا الاستقصاء، وخلافهم هذا هو اختلاف تنوع لا تضاد (٣).

وفي هذا الحذف فوائد كثيرة، منها:


(١) جامع البيان، الطبري، ج ٢٤، ص ٥٨٠.
(٢) الكشاف، الزمخشري، ج ٤، ص ٧٩٨.
(٣) من بحث: (نظام عقد المعاني في سورة التكاثر)، ص ٩١ - ٩٢.

<<  <   >  >>