وإذا فرعنا على الجواز إذا لم تكن عادة، فينبغي القطع بأنها لبيت المال، والقول مع ذلك بأنه يملكها وإن كان ظاهرًا في القياس، لكن ظاهر حديث ابن اللتبية (١) وحديث معاذ (٢) يخالفه، والقول بأنها تُرَدُّ مع الجواز غير ممكن.
وأما عمال الخراج والصدقات، فإن كان المهدي من غير عمله جاز، وإن كان من عمله فإن كان قبل قبض الصدقة أو الخراج لم يجز كالهدية إلى الحاكم حال الخصومة، وحكمها حكمُ الرشوة، وإن كان بعد القبض فإن أثابه عليها بمثلها معجلا، ملكها، وإلا فثلاثة أوجه: أحدها: يملكها.
والثاني: يكون لبيت المال.
والثالث: إن كان مرتزقًا قدر كفايته فلبيت [المال](٣) وإلا فله.
وأما السلطان ومن قام مقامه فإن هاداهم أهل الحرب جاز القبول، ثم إن كان الإهداء لأجل السلطنة فهي للمسلمين، وإن كان لمودة سلفت ملكها المُهدى إليه، والهدية من دار الإسلام كالهدية للقاضي.
فإن أهدى إليه من لا يطلب منه ولاية، ولا يشكره على شيء سابق، فهذه هدية [بعث](٤) عليها جاه السلطان، فقيل: توضع في بيت المال، وقيل: تُرَدُّ، والله تعالى أعلم.
(١) سبق تخريجه. (٢) سبق تخريجه. (٣) ما بين المعكوفتين ليس من الأصل، وما أثبته ضرورة لأجل استقامة الكلام واتضاحه، والله أعلم. (٤) في الأصل شكلت الكلمة بـ (تعب)، وقد سبق مثل هذا ولكن بعبارة (بعث عليها جاه السلطنة)، وهذا المعنى هو المتعين لاقتضاء السياق له دون ما أثبت في هذا الموضع، إذ الأليق بها (بعث) وهو مأخوذ من الباعث والفرض دون قوله (تعب) ولا معنى له هنا. والله أعلم.