الكاف من قولهم: أركب المهر إذا حان وقت ركوبه، وقال بعضهم: لعل المراد به زمان نزول عيسى عليه السلام وظهور الإِسلام ووقوع العدل والأمن فلا يركب المهر إلى يوم القيامة لعدم احتياج الناس في ذلك الزمان إلى محاربة بعضهم بعضًا.
٤٣٠٠ - وفي رواية:"هدنة على دخن وجماعة على أقذاء"، قلت: يا رسول الله! الهدنة على الدخن، ما هي؟ قال:"لا ترجع قلوب أقوامٍ على الذي كانت عليه"، قلت: بعد هذا الخير شر؟ قال:"فتنة عمياء صماء، عليها دعاة على أبواب النار، فإن تمت يا حذيفة وأنت عاض على جذل شجرة: خير لك من أن تتبع أحدًا منهم".
قلت: رواها أبو داود في الفتن والنسائي في القرآن من حديث حذيفة. (١)
قوله - صلى الله عليه وسلم -: فتنة عمياء صماء أي لا يبصر فيها الحق ولا يسمع، قال ابن الأثير (٢): هي التي لا سبيل إلى تسكينها لأن الأصم لا يسمع الاستغاثة، ولا يفهم بالإشارة لعدم رؤيته، وقيل: هي كالحية الصماء التي لا تقبل الرّقَى.
٤٣٠١ - قال: كنت رديفًا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا على حمار، فلما جاوزنا بيوت المدينة، قال:"كيف بك يا أبا ذر إذا كان بالمدينة جوع، تقوم عن فراشك، فلا تبلغ مسجدك حتى يُجهدك الجوع؟ " قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال:"تعفف يا أبا ذر" قال: "كيف يا أبا ذر إذا كان بالمدينة موت يبلغ البيتُ العبَد، حتى أنه يباع القبر بالعبد؟ " قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال:"تصبر يا أبا ذر"، قال:"كيف بك يا أبا ذر إذا كان بالمدينة قتل، تغمر بالدماء أحجار الزيت؟ " قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال:"تأتي من أنت منه"، قال: قلت: وألبس السلاح؟ قال:"شاركت القوم إذًا"، قلت: فكيف أصنع يا رسول الله؟ قال:"إن خشيت أن يبهرك شعاع السيف، فالق ناحية ثوبك على وجهك، ليبوء بإثمك وإثمه".
(١) أخرجه أبو داود (٤٢٧٦)، والنسائي في الكبرى (٨٠٣٣). (٢) انظر: النهاية (٣/ ٥٤).