ثانيهما: يلتحق بإذن الميت إذن وارثه، والوجهان إنما هما فيما إذا لم يأذن الميت ولا الوارث، ويرد على إطلاق "التنبيه" جواز النيابة في التطوع في أحد القولين (١): أن محله: إذا كان بإذنه، أو إذن وارثه كما تقدم، ويرد ذلك أيضاً على قول "الحاوي"[ص ٤٣١]: (ويؤدي حجه وكفارته المالية، لا الأجنبي العتق) فإن مقتضاه: تأدية الأجنبي عنه حج التطوع بغير إذنه.
٣٢٨٤ - قول "المنهاج"[ص ٣٥٧]: (ويؤدي الوارث عنه الواجب المالي في كفارة مرتبة) يتناول ما إذا أدى من ماله مع وجود تركة، وكذا يتناوله إطلاق "الحاوي" العبارة المتقدمة (٢)، لكن قول "المنهاج" بعده [ص ٣٥٧]: (وأن له الأداء من ماله إذا لم تكن تركةٌ) يقتضي بمفهومه منعه مع وجود تركة، إلا أن يقال: إنه لا مفهوم له، وإنما هو تصوير للواقع؛ لأنه إنما يحتاج للأداء من ماله عند عدم التركة، وقد قال السبكي: إن الذي يظهر: جواز الأداء من ماله مع وجود تركة، قال: ثم رأيت في "البيان" ما يوافقه (٣)، وفي كلام الرافعي ما يخالفه بحثاً، فقال: يشبه أنه كالأجنبي (٤)، ونازعه السبكي.
وقال شيخنا الإمام البلقيني فيما اقتضاه مفهوم "المنهاج" وغيره: إنه بعيد من النظر؛ لأن للوارث إمساك التركة، وقضاء حق الآدمي المبني على المضايقة من غيرها، فحق الله أولى، قال: ولا يُفرّق بالتعلق بالعين، فإنه موجود فيهما، ولا ينظر إلى العتق، وإنه متعلق بالتركة؛ فللوارث أن يشتري من غير عبيد التركة من يعتقه، فله ذلك من مال نفسه، ويكون قوله:(إذا لم تكن تركة) قيداً لإثبات الخلاف، لا للمنع في مخالفه. انتهى.
٣٢٨٥ - قول "المنهاج"[ص ٣٥٧]: (وأنه يقع عنه لو تبرع أجنبيُّ بطعامٍ أو كسوة، لا إعتاقٍ في الأصح) ويو افقه عبارة "الحاوي" المتقدمة (٥)، وليس في "الروضة" وأصلها هنا ترجيح، وإنما فيهما طريقان: إجراء الخلاف، والقطع بالمنع (٦)، لكن فيهما في كفارة اليمين تصحيح المنع في المخيرة، والجواز في المرتبة (٧).
٣٢٨٦ - قول "المنهاج"[ص ٣٥٧] و"الحاوي"[ص ٤٣١]: (وينفع الميت دعاء) قال السبكي: فيه شيئان:
(١) التنبيه (ص ٧٠). (٢) الحاوي (ص ٤٣١). (٣) البيان (٨/ ٣١٧). (٤) انظر "فتح العزيز" (٧/ ١٢٩). (٥) الحاوي (ص ٤٣١). (٦) فتح العزيز (٧/ ١٢٨)، الروضة (٦/ ٢٠١). (٧) فتح العزيز (١٢/ ٢٧٨، ٢٧٩)، الروضة (١١/ ٢٥، ٢٦).