٣٠٢٨ - قول "المنهاج"[ص ٣٢٤]: (التمليك بلا عوض هبة) قد يقال: إنه أحسن من قول "الحاوي"[ص ٤٠٠]: (الهبة: تمليك بلا عوض) لاقتضاء العبارة الثانية حصر الهبة في التمليك، مع أن الهبة قد لا يكون فيها تمليك، كما إذا أهدى لغني من لحم أضحية أو هدي أو عقيقة. . فإنه لا يملكه كما صرحوا به في بابه، وعبارة "المنهاج" لا تقتضي حصر الهبة في ذلك.
٣٠٢٩ - قوله:(فإن: ملك محتاجًا لثواب الآخرة. . فصدقةٌ)(١) فيه أمران:
أحدهما: أن الإعطاء بقصد التقرب صدقة، وإن كان لغني غير محتاج كما ذكروه في موضعه، وممن صرح به النووي في "شرح المهذب"، ونفى الخلاف فيه (٢)، قال السبكي: فما ذكره هو أظهر أنواع الصدقة، والغالب منها فلا مفهوم له. انتهى.
ولذلك لم يذكر "الحاوي" الحاجة فقال [ص ٤٠٠]: (ولثواب الآخرة. . صدقةٌ).
ثانيهما: أنه لو ملك شخصًا لحاجته من غير استحضار ثواب الآخرة. . ينبغي أن يكون صدقة أيضًا، كما ذكره السبكي، وحينئذ. . فينبغي الاقتصار في تعريف الصدقة على أحد الأمرين: إما حاجة المملك، أو قصد ثواب الآخرة.
٣٠٣٠ - قوله:(فإن نقله إلى مكان الموهوب له إكرامًا. . فهديةٌ)(٣) فيه أمور:
أحدها: لو عبر بـ (الواو) كما في "المحرر". . لكان أحسن (٤)؛ لأنه قد يفهم من (الفاء) أنها قسم من الصدقة، وليس كذلك، بل هي قسيمتها.
ثانيها: قوله: (إكرامًا)(٥) هي عبارة "المحرر" و"الشرح الصغير"، وفي "الروضة" وأصلها: (إعظامًا له أو إكرامًا)(٦)، قال السبكي: والظاهر: أنه ليس شرطًا، والشرط هو النقل؛ ولهذا لا يدخل العقار في الهدية.
ثالثها: ليس في عبارة الغزالي تخصيص الهدية بالمنقول (٧)، وقد حكاها في "الروضة" في
(١) انظر "المنهاج" (ص ٣٢٤). (٢) المجموع (٦/ ٢٣٢). (٣) انظر "المنهاج" (ص ٣٢٤). (٤) المحرر (ص ٢٤٥). (٥) انظر "المنهاج" (ص ٣٢٤). (٦) المحرر (ص ٢٤٥)، فتح العزيز (٦/ ٣٠٥)، الروضة (٥/ ٣٦٤). (٧) انظر "الوجيز" (١/ ٤٢٩).