١٧٩ - {ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ:} نزلت في الفرق بين المخلصين والمنافقين، عن ابن جريج ومجاهد وابن إسحق (٢)، وذلك أنّ القوم تمنّوا أن يعطوا علامة يعرفون بها أحد الفريقين من الآخر (٣). ومعناه: ما الله (٤) بتارك للمؤمنين.
واللام لام الجحد، وإنّما تنصب لأنّها في الحقيقة لام (كي)(٥).
{عَلى (٦)} ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ: من حال الالتباس والاختلاط (٧).
{حَتّى:} غاية لمجال (٨) الالتباس، كقولك: لست أدعك على ما أنت عليه حتى (٩) أعزّك وأكرمك.
{وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ:} أي: لا يعطيكم ما تمنّيتم من العلامة، ولكنّ الله يلهم ويعطي العلامة من اجتباه من رسله، كقوله: {عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ [أَحَداً](١٠)} (٢٦) الآية [الجنّ:٢٦].
و (الاجتباء): الاختيار (١١)، أصله من اجتبيت الماء، إذا حصّلته لنفسك (١٢).
١٨٠ - {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ:} نزلت في اليهود، بخلوا بإظهار نعت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، عن ابن عبّاس (١٣). وقيل (١٤): مانعي الزّكاة. وقيل (١٥): في الذين امتنعوا عن الإنفاق من الجهاد.
و (البخل): الشّحّ، وضدّه: السّخاوة (١٦)، وفي الحديث أنّ البخل والجبن لا يجتمعان في قلب مؤمن (١٧).
(١) تفسير غريب القرآن ١١٦، والوجيز ١/ ٢٤٥، وتفسير البغوي ١/ ٣٧٦. (٢) ينظر: تفسير الطبري ٤/ ٢٤٩، والتبيان في تفسير القرآن ٣/ ٦٢، والبحر المحيط ٣/ ١٣٠. (٣) ينظر: زاد المسير ٢/ ٦٢، وتفسير القرطبي ٤/ ٢٨٨. (٤) ليس في ك. (٥) وهو قول الكوفيين، ينظر: المجيد ٢٥٨ (تحقيق: د. عطية أحمد)، والبحر المحيط ٣/ ١٣١، والدر المصون ٣/ ٥٠٧. (٦) ليس في ع، وفي ب: الذي. (٧) ينظر: تفسير الطبري ٤/ ٢٤٩، والبغوي ١/ ٣٧٧، والكشاف ١/ ٤٤٥. (٨) في ب: لمحل، وبعدها في ك: كقوله، بدل (كقولك). (٩) في ك: على. (١٠) من ب. وينظر: معاني القرآن وإعرابه ١/ ٤٩٢، وتفسير البغوي ١/ ٣٧٧، والكشاف ١/ ٤٤٥. (١١) ينظر: العمدة في غريب القرآن ١٠٤، ومجمع البيان ٢/ ٤٥٧، وزاد المسير ٢/ ٦٣. (١٢) ينظر: لسان العرب ١٤/ ١٢٨ (جبي)، والبحر المحيط ٣/ ١٢١. (١٣) ينظر: تفسير الطبري ٤/ ٢٥٣، والتبيان في تفسير القرآن ٣/ ٦٤، وزاد المسير ٢/ ٦٣. (١٤) ينظر: تفسير الطبري ٤/ ٢٥٣، والتبيان في تفسير القرآن ٣/ ٦٤، وتفسير البغوي ١/ ٣٧٨. (١٥) ينظر: التفسير الكبير ٩/ ١١٢ و ١١٣، والبحر المحيط ٣/ ١٣٣. (١٦) ينظر: تفسير القرطبي ٤/ ٢٩٣. (١٧) ينظر: الأدب المفرد ١٠٦، والفردوس بمأثور الخطاب ٢/ ١٩٩، وكشف الخفاء ١/ ٤٥٤، واللفظ فيها جميعا: «خصلتان لا يجتمعان في مؤمن البخل وسوء الخلق».