فإذا رأى ما هو أحسن منه رمى به، وعبد الآخر من بعد الله (١)، من بعد ما فعل الله به هذا الفعل. (٢)
٢٤ - {وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ:} أي: كّل الزّمان. (٣) وفي حديث: «فإنّ ذا الدّهر أطوار دهارير»(٤). وقوله عليه السّلام:«لا تسبّوا الدّهر فإنّ الدّهر هو الله»(٥). قيل: معناه لا تسبّوا فاعل الكون والفساد، وخالق الخير والشّر، فإنّ الله هو ذلك. (٦) وقيل: لا تسبّوا الدّهر، فإنّ الله هو منشئ (٧) الدهر وخالقه، فكان سبّهم في الحقيقة يرجع إلى الله، (٨) فنهاهم النّبيّ عليه السّلام عن ذلك.
٢٩ - {إِنّا كُنّا نَسْتَنْسِخُ:} قال ابن عبّاس: كتاب في السّماء عليه ملائكة، والملائكة (٩) الذين مع بني آدم يستنسخون من ذلك الكتاب ما كان يعمل بنو آدم. (١٠) وروي: ينسخون في ذلك الكتاب ما يعمل بنو آدم. (١١) عن ابن عمر رضي الله عنه، عنه عليه السّلام: «أنّ أوّل خلق الله القلم، فكتب ما يكون في الدّنيا من عمل معمول برّا وفجورا، ورطب أو يابس (٢٩٤ و) أو حصاه (١٢) في الذّكر، واقرؤوا إن شئتم:{هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنّا كُنّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} فهل تكون النّسخة إلا من شيء قد فرغ منه؟» (١٣).
٣٦ - {فَلِلّهِ الْحَمْدُ:} دائما كان هذا الموضع موضع حمد لفرق الله بين المؤمنين والكافرين، وانتصافه (١٤) للمظلومين من الظّالمين. والله أعلم.
(١) أ: أنه. (٢) السنن الكبرى للنسائي (١١٤٨٥)، وتفسير السمرقندي ٣/ ٢٦٦، والدر المنثور ٧/ ٣٦٩. (٣) ينظر: تفسير مجاهد ٥٩٢، ومعاني القرآن للفراء ٣/ ٤٨، والطبري ١١/ ٢٦٣. (٤) ينظر: غريب الحديث لابن الجوزي ٢/ ٤٣، والنهاية في غريب الحديث ٢/ ١٤٤ عن سطيح، ودهر دهارير: شديد، تصاريف الدهر ونوائبه. (٥) أخرجه أحمد في المسند ٢/ ٣٩٥، ومسلم في الصحيح (٢٢٤٦)، والبيهقي في السنن ٣/ ٣٦٥ عن أبي هريرة رضي الله عنه. (٦) ينظر: عون المعبود ١٤/ ١٢٨. (٧) أ: ينشئ. (٨) ينظر: عون المعبود ١٤/ ١٢٨. (٩) أ: وبالملائكة. (١٠) ينظر: تفسير السمرقندي ٣/ ٢٦٨. (١١) ينظر: معاني القرآن الكريم ٦/ ٤٣٣، وتفسير السمعاني ٥/ ١٤٥. (١٢) ع: أحصاه بدلا من أو حصاه. (١٣) أخرجه السمرقندي في تفسيره ٣/ ٢٦٨. (١٤) أ: وإنصافه.